لا تتركوا الأمر على ولد الخايبة أذهبوا أنتم وأبنائكم فقاتلوا !
السبت , 25 مارس , 2017
فقط من أجل التنويه والتنبيه؛ عندما نقول " ولد الخايبة " لا نقصد هنا الإستنقاص من الأمهات اللائي ضحيّن بأبنائهن وفلذات أكبادهن, فعندما نصفهن بمصطلح " الخايبة " فما نريده هو خيبة أملهن بأن يريّن أبنائهن يكبرون أمامهن بين عريس وبين متخرج وبين من يصل إلى مرحلة متقدمة في الحياة المهنية والدراسية والإجتماعية, كالفلاح الذي يخيب أمله في زرعه الذي يصبح هشيماً بفعل عاصفة أو حرق أو فيضان عندما كان ينظر إليه بعين قريرة وينتظر عطائه بفارغ الصبر, فالخيبة التي نقصدها هي عدم نيل وتحقق المطلوب والمرجو وعدم الفوز بما كان متوقعاً ومأمولاً. قد رافق هذا المصطلح الأمهات العراقيات المضحيات لأنهن قدمن أبنائهن قرابين لهذا البلد في الدفاع عن أرضه ومائه وشعبه, وللأسف الشديد باتت تلك التضحيات من الأبناء والأمهات عبارة عن دعايات إنتخابية وظهور إعلامي للسياسيين والبرلمانيين, حيث يكون الأبناء في سوح القتال يسطرون التضحيات بالغالي والنفيس, وبعد التحرير والنصر يأتي السياسي الفلاني والحزبي الفلاني ويأخذ الصور ليصادر تلك التضحيات وينسبها لنفسه ويعتبرها منجز له شخصياً !! بينما في الأوقات الذي يشتد فيها وطيس الحرب تخلوا تلك الساحات البطولية من هذا السياسي وذاك الحزبي ولا يوجد لهم أي ذكر أو لأبنائهم أو لأي شخص من خواصهم هذا الأمر ليس حصراً على السياسيين بل حتى رجال الدين أو بالأحرى ممن تستر بالدين ومن بينهم التيمية الدواعش وعلى سبيل المثال تجد أبو بكر البغدادي الذي يدعي كذباً وزيفاً وبهتاناً وظلماً وعدواناً بأنه خليفة المسلمين, فكيف يكون خليفة للمسلمين وللدواعش وهو مختبئاً في إحدى الجحور في معزل عن أتباعه !! بينما كان خلفاء الإسلام في مقدمة الجيوش هم أو أبنائهم, إلا خلفاء التيمية الدواعش فهم كانوا يختبئون في قصورهم وأبراجهم العاجية. حتى صلاح الدين الأيوبي – وذكرناه حتى لا يعترض علينا به أحد - لم يكن في كل المعارك يتقدم الجيوش في كل المعارك, ودليل ذلك ما ذكره إبن الأثير في كتابه " الكامل في التاريخ " حيث يذكر في الجزء العاشر في الصفحة ثمانية وتسعون .. ((ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(586) [ذِكْرُ رَحِيلِ الْفِرِنْجِ إِلَى نَاحِيَةِ عَسْقَلَانَ وَتَخْرِيبِهَا] .... وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَرْسُوفَ مِنَ الْهَزِيمَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ، سَارَ صَلَاحُ الدِّينِ عَنْهُمْ إِلَى الرَّمْلَةِ، وَاجْتَمَعَ بِأَثْقَالِهِ بِهَا، وَجَمَعَ الْأُمَرَاءَ وَاسْتَشَارَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِتَخْرِيبِ عَسْقَلَانَ...وَقَالُوا لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ مَا كَانَ مِنَّا بِالْأَمْسِ، وَإِذَا جَاءَ الْفِرِنْجُ إِلَى عَسْقَلَانَ وَوَقَفْنَا فِي وُجُوهِهِمْ نَصُدُّهُمْ عَنْهَا، فَهُمْ لَا شَكَّ يُقَاتِلُونَنَا لِنَنْزَاحَ عَنْهَا فَيَنْزِلُوا عَلَيْهَا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عُدْنَا إِلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ عَلَى عَكَّا وَيَعْظُمُ الْأَمْرُ عَلَيْنَا، لِأَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ قَوِيَ بِأَخْذِ عَكَّا وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَسْلِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَضَعُفْنَا نَحْنُ بِمَا خَرَجَ عَنْ أَيْدِينَا، وَلَمْ تَطُلِ الْمُدَّةُ حَتَّى نَسْتَجِدَّ غَيْرَهَا...فَلَمْ تَسْمَحْ نَفْسُهُ بِتَخْرِيبِهَا، وَنَدَبَ النَّاسَ إِلَى دُخُولِهَا وَحِفْظِهَا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ إِلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: إِنْ أَرَدْتَ حِفْظَهَا فَادْخُلْ أَنْتَ مَعَنَا أَوْ بَعْضُ أَوْلَادِكَ الْكِبَارِ، وَإِلَّا فَمَا يَدْخُلُهَا مِنَّا أَحَدٌ لِئَلَّا يُصِيبَنَا مَا أَصَابَ أَهْلَ عَكَّا...)). حيث لم يلبي الناس دعوة صلاح الدين إلا بشرط وهو أن يدخل معهم هو بشحمه ولحمه أو أحد أبنائه الكبار, ولم يدخل معهم خوفاً على مكانته ومنصبه وسلطانه !! وهنا نذكر تعليق المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في المحاضرة السابعة والعشرون من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) على هذا المورد من كتاب إبن الأثير, حيث قال: {{...لا تترك الأمر على ولد الخايبة، أيّها الرئيس، أيّها الوزير، أيّها الشيخ، أيّها الزعيم، أيّها العالِم، أيّها البرلماني، أيّها القائد ادخل معهم أو ليدخل بعض أولادك معهم ... اقرؤوا عن صلاح الدين وماذا كتبوا عنه وعن ارتباط الناس به وحبّ الناس له وإطاعتهم له وبذل الناس لأرواحهم وعيالهم وأموالهم من أجل صلاح الدين وفداءً له!! والحقيقة هذا ما وصل له الناس, ... سبحان الله، انظروا إلى ما وصل إليه حال صلاح الدين فصار يستجدي الجند فلا مجيب، ويستجدي النصرة فلا مجيب، فيستجدي الناس لحماية المدن فلا مجيب!! بل يجد الرد العنيف منهم، الكاشف عن اليأس الشديد الذي وَصَلوا إليه بسبب الحروب المستمرة التي لا طائل منها ولا مكسب فيها للناس غير القتل والتشريد وخراب البيوت وإبادة المجتمعات من أجل مكاسب دنيويّة للسلاطين والأمراء، ومن هنا جاء الرد عنيفًا وبكلّ وضوح من الناس اليائسة المكسورة المنهزمة نفسيًا قبل الهزيمة العسكريّة...}}. وهنا نسأل متى يكون هناك رداً من الناس, من الأمهات, من الأبناء كالرد العنيف الذي تلقاه صلاح الدين من الناس, متى نسمع من العراقيين رداً على ساسة اليوم وعلى من تلبس بعباءة الدين ويطلبون منهم أن يتقدموهم في ساحات المعارك والقتال؟ فقد خابت أغلب أمهات الشباب العراقي إلا أمهات السياسيين وأمهات أبنائهم.