إننا كمسلمين وأبناء دين الإسلام الحنيف الذي يرفض المكر والخداع والغدر والأخلاق الذميمة، وقدوتنا وأسوتنا رسولنا الأعظم( صلى الله عليه وآله ) قال : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" نتساءل: هل من الأخلاق الإسلامية التي أرادها الله جل وعلا في دينه الخاتم الإسلام أن يسلّم الملك الإسلامي قيادة البلاد الإسلامية لأخيه وهو ثمل يشرب الخمر الذي حرمه الإسلام بعينه ؟!! وهل من الأخلاق الإسلامية أن يغدر الأخ بأخيه بالاتفاق مع عمّه لتغيير بوصلة القيادة واستلام مقاليد الحكم ؟! وهل يرضى الإسلام بالمكائد التي تُحاك خلف كواليس التيمية الفاجرين شاربي الخمر مدّعين أنهم رؤوس الوفد للمجتمع الإسلامي آنذاك في عصر الفاتح صلاح الدين وهم يتصارعون ويُملَّكون بين ليلة وضحاها وأحدهم يسلم السلطة للآخر تحت اتفاقات شيطانية تيمية ماكرة وتحت عباءة ربهم الشاب الأمرد الجعد القطط ؟!.. كلا وألف كلا، نعلنها صرخة مدوية في الآفاق ونقولها : تبًا لكم يا خوارج العصور البالية، يا من جعلتم عروشكم لملذاتكم الشخصية وتناسيتم أنّ الله بالمرصاد، فتبًا لكم ولكل من تبعكم على هذا النهج السلطوي الدموي الخارج عن منهج الإسلام المحمدي الأصيل، فوالله وتالله لأنّكم امتداد لتلك الشجرة الملعونة التي أسسها أمية وخلفه ونظّمها ونظّرها شيخكم الخرف ابن تيمية والتي حذرنا منها ومن فتنتها الرسول الأعظم.
فهل يرضى الإسلام بهكذا مرتزقة تبادلوا السلطات عبر مئات السنين من والد الى ابن وتحت ضغط الاتفاقات الغامضة بينهم وحتى بين الدول المستعمرة آنذاك لا لشيء إلا لأجل السلطة والنساء والخمر ورقص الجواري؟! .
تساؤلات ابتدأت مقالتي بها وكلّي فخر أن أقرأ لأحد أعلام زمننا الحاضر ألا وهو المحقق الإسلامي السيد الصرخي، فوجدت الكثير من الإيضاح والإفهام لهكذا فجوات حدثت في تاريخنا الإسلامي العريق، وقد شاء الله سبحانه جل وعلا أن تُفضح هذه التفاهات التي حصلت ممن يدّعون الانتماء للإسلام وهو براء منهم، فقد خطّ ابن الأثير بقلمه رواياتهم وأحداث صراعاتهم بكل أمانة حيث صور لنا ما اكتنف التاريخ من الغموض حول شخصيات يمجّدها العرب ويخلّدها بشتى وسائل الإعلام والتعريف، انه صلاح الدين الفاتح وابناه اللذان يتصارعان على الملك وعمّهما يخطط لنيل السلطة من الآخر وتسليمها لمن عقد الاتفاق معه، والمقتبس التالي لإحدى محاضرات المحقق الإسلامي المرجع الصرخي يوضح هذه الممارسات التيمية المخجلة من قبل هؤلاء طلّاب الدنيا: ((... ندخل في الحديث عن الملك العادل، ... ربما تاب الملك العادل عمّا صدر منه سابقًا ...، فراجَعَ نفسَهُ وتذكَّر أنّ جزاءَ الاحسانِ الإحسانُ، وهذا واجبٌ شرعًا وأخلاقًا، والتفت إلى أنّ الجحود والخيانة والغدر ليست مِن شيمة الرجال ولا مِن الشرع ولا مِن الأخلاق، ففي الكامل10/(140): [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَة(592هـ)]: [ذِكْرُ مُلْكِ الْعَادِلِ مَدِينَةَ دِمَشْقَ مِنَ الْأَفْضَلِ]: قال ابن الأثير: {{1..2.. 9ـ فَمَالَ (الأمير الحمصي) إِلَى الْعَزِيزِ وَالْعَادِلِ، وَوَعَدَهُمَا أَنَّهُ يَفْتَحُ لَهُمَا الْبَابَ، وَيَدْخُلُ الْعَسْكَرُ مِنْهُ الْبَلَدَ غِيلَةً، 10ـ فَفَتَحَهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَقْتَ الْعَصْرِ، وَأَدْخَلَ الْمَلِكَ الْعَادِلَ مِنْهُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، 11ـ فَلَمْ يَشْعُرِ الْأَفْضَلُ إِلَّا وَعَمُّهُ مَعَهُ فِي دِمَشْقَ، 12ـ وَرَكِبَ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ، وَوَقَفَ بِالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ غَرْبِيَّ دِمَشْقَ، 13ـ فَلَمَّا رَأَى الْأَفْضَلُ أَنَّ الْبَلَدَ قَدْ مُلِكَ، خَرَجَ إِلَى أَخِيهِ (العزيز)، وَقْتَ الْمَغْرِبِ، وَاجْتَمَعَ بِهِ، وَدَخْلَا كِلَاهُمَا الْبَلَدَ، وَاجْتَمَعَا بِالْعَادِلِ (عمّهما) وَقَدْ نَزَلَ فِي دَارِ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوه (عمّ العادل وصلاح الدين)، وَتَحَادَثُوا، 14ـ فَاتَّفَقَ الْعَادِلُ وَالْعَزِيزُ عَلَى أَنْ أَوْهَمَا الْأَفْضَلَ أَنَّهُمَا يُبْقِيَانِ عَلَيْهِ الْبَلَدَ خَوْفًا أَنَّهُ رُبَّمَا جَمَعَ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ وَسَارَ بِهِمَا، وَمَعَهُ الْعَامَّةُ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الْبَلَدِ، لِأَنَّ الْعَادِلَ لَمْ يَكُنْ فِي كَثْرَةٍ، وَعَادَ الْأَفْضَلُ إِلَى الْقَلْعَةِ وَبَاتَ الْعَادِلُ فِي دَارِ شِيرْكُوهْ، وَخَرَجَ الْعَزِيزُ إِلَى الْخِيَمِ فَبَاتَ فِيهَا، 15ـ وَخَرَجَ الْعَادِلُ مِنَ الْغَدِ إِلَى جَوْسَقِهِ فَأَقَامَ بِهِ، وَعَسَاكِرُهُ فِي الْبَلَدِ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَخْرُجُ الْأَفْضَلُ إِلَيْهِمَا، وَيَجْتَمِعُ بِهِمَا، فَبَقَوْا كَذَلِكَ أَيَّامًا، 16ـ ثُمَّ أَرْسَلَا إِلَيْهِ وَأَمَرَاهُ بِمُفَارَقَةِ الْقَلْعَةِ وَتَسْلِيمِ الْبَلَدِ عَلَى قَاعِدَةٍ، أَنْ تُعْطَى قَلْعَةُ صَرْخَدَ لَهُ، وَيُسَلِّمَ جَمِيعَ أَعْمَالِ دِمَشْقَ، فَخَرَجَ الْأَفْضَلُ، وَنَزَلَ فِي جَوْسَقٍ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ، غَرْبِيَّ دِمَشْقَ، وَتَسَلَّمَ الْعَزِيزُ الْقَلْعَةَ، وَدَخَلَهَا، وَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، 17ـ فَجَلَسَ (العزيز) يَوْمًا فِي مَجْلِسِ شَرَابِهِ، فَلَمَّا أَخَذَتْ مِنْهُ الْخَمْرُ وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ الْبَلَدَ إِلَى الْأَفْضَلِ، فَنُقِلَ ذَلِكَ إِلَى الْعَادِلِ فِي وَقْتِهِ، فَحَضَرَ الْمَجْلِسَ فِي سَاعَتِهِ، وَالْعَزِيزُ سَكْرَانُ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى سَلَّمَ الْبَلَدَ إِلَيْهِ (الى العادل)، وَخَرَجَ مِنْهُ، وَعَادَ إِلَى مِصْرَ، وَسَارَ الْأَفْضَلُ إِلَى صَرْخَدَ}}. )).
https://c.top4top.net/p_449enl341.png
ترى هل يكتفي سلاطين هذا الزمان بالعبرة من فناء أولئك الذين تسلطوا وحكموا وقتلوا ونهبوا وسلبوا من أجل عروشهم ودُفنوا تحت التراب وجُرِّدوا من ذهبهم وفضتهم وتيجانهم المرصعة بالياقوت ؟ !!!
وإليكم - إخوتي القراء - رابط المحاضرة الخاصة بهذا الموضوع :

بقلم // الكاتبة شروق مصطفى

بقلم: #_