مصطفى البياتي لا يمكن فصل معتقدات الإنسان وقيمه وتراثه وأصالته عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي الذي يعيش فيه ولا يمكن للتطرف ان ينبت في مناخات علمية وقيمية متوازنة وانه لمن المؤسف أن نرى موجات التطرف والغلو لا تعود أسبابها إلى مخرجات الثقافة الدينية وحدها، بل إلى أسباب أخرى، منها عدم فسح المجال للخطاب الإسلامي الرصين أن يتحرك، وبسبب سكوت العلماء وامضائهم للخزعبلات واستباحة الدماء في كتب شيوخ التكفير وعلى رأسهم ابن تيمية ظهرالتطرف الداعشي والقاعدي. فلم يكن الدين الاسلامي متطرفا بل دين الوسطية والرحمة لكن الخلل في المتطرفين اصحاب الاراء الشاذة التي حولت هذا الدين الى رهينة بيد ممن لايخاف الله ولاالناس وعليه نحتاج إلى مراجعة فقهية وفكرية وثقافية وتطبيق المنهج الصحيح للإسلام، يقوم بها علماء دين ربّانيون تقاة وفقهاء يعرفون دين الله حق المعرفة لتحريره من فكر ظلامي تستظل به منظمات الإرهاب والتكفير والتطرف، ومن فتاوى عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان فعندما يتم التدليس في الاقوال للاحاديث الصحيحة للسنة النبوية والقران الكريم لمصلحة اوسلطة بحيث يكون الشمال هو الشرق ونجد هي العراق ومصرعندعلماء التكفير وترسيخ هذه الفكرة في ذهن العامة فيتحول ذلك القارئ او المستمع الى تكفيري متطرف لايقبل النقاش لان هذا ثابت عنده ونشأ عليه فمثلا جاء للالباني في السلسلة الصحيحة5: (302- 306): [[2246: دعاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم) لمكة والمدينة والشام بالبركة: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): {اللهم بارك لنا في مكَّتِنا، اللهم بارك لنا في مدينَتِنا، اللهم بارك لنا في شامِنا، بارك لنا في صاعِنا وبارك لنا في مُدِّنا}، فقال رجل يا رسول الله وفي عراقنا؟! فأعرض (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه، فردَّدها (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثًا، كلّ ذلك يقول الرجل: وفي عراقنا؟ فيُعرِض (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): {بها الزلازل والفتن، وفيها يطلع قرن الشيطان}، أخرجه يعقوب..في "المعرفة"، والمخلص (أبو طاهر) في "الفوائد المنتقاة"، والجرجاني في "الفوائد"، وأبو نعيم في "الحلية"، و ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، قلت (الألباني): وهذا اسناد صحيح على شرط الشيخين، وتابَعَه أزهر... أخبرنا ابن عون به، إلّا أنّه قال {نَجْدنا} مكان {عراقنا}، والمعنى واحد، أخرجه البخاري والترمذي وابن حبّان والبغوي، وصحّحوه، وأحمد وابن عساكر، وتابعه عبد الرحمن بن عطاء عن نافع به، إلّا أنّه قال: {مشرقنا} مكان {عراقنا}، وزاد في آخره {وبها تسعة أعشار الشرّ}، أخرجه أحمد والطبراني وابن عساكر... فالحديث مع الزيادة الأولى [وبها تسعة أعشار الشرّ]، قد تابعه عليه أبو عبد الرحمن.. ورجاله ثقات رجال الشيخين، غير عبد الرحمن بن عطاء وهو ثقة... وتابعه أبو عبيد حاجب سليمان بن عبد الملك عن نافع به، ألا أنّه قال {العراق ومصر}، أخرجه القطان في حديثه، وأبو أمية في مسند ابن عمر.. وابن عساكر... قلت (الألباني): وهذا اسناد ضعيف.. فذكر {مصر} في هذه الطرق منكر، وبالله التوفيق... وإنما أفَضْت في تخريجِ هذا الحديث الصحيح وَذِكْرِ طرقِهِ وبعضِ ألفاظِه، لأنّ بعض المبتدِعة المحاربين للسنّة والمنحرفين عن التوحيد، يطعَنون في الإمام محمد بن عبد الوهاب مجدّد دعوة التوحيد في الجزيرة العربيّة، ويحملون الحديث عليه باعتباره مِن بلاد (نَجْد) المعروفة اليوم بهذا الاسم، وجهِلوا أو تجاهلوا أنّها ليست المقصودة بهذا الحديث، وإنما هي (العراق) كما دلّ عليه أكثر طرق الحديث، وبذلك قال العلماء قديمًا كالإمام الخطابي وابن حجر العسقلاني وغيرهم، وجهِلوا أيضًا أن كون الرجل مِن بعض البلاد المذمومة لا يستلزم أنّه هو مذموم أيضًا إذا كان صالحًا في نفسه, والعكس بالعكس فكم في مكة والمدينة والشام مِن فاسق وفاجر, وفي العراق مِن عالم وصالح, وما أحكم قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء حينما دعاه أن يهاجر مِن العراق إلي الشام: {أمّا بعد, فإنّ الأرض المقدّسة لا تُقَدِّس أحدًا, وإنما يقدّس الإنسانَ عملُه}، وفي مقابل أولئك المبتدعة مَن أنكر هذا الحديث وحكم عليه بالوضع لما فيه مِن ذم العراق كما فعل الأستاذ صلاح الدين المنجِد في مقدمته على {فضائل الشام ودمشق}، وردَدْتُ عليه في تخريجي لأحاديثه وأثبتّ أنّ الحديث مِن معجزاته (صلى الله عليه وآله وسلم) العلميّة، فانظر الحديث الثامن منه]] السلسلة الصحيحة5: (302- 306.. ) يعلق المرجع الصرخي على هذا بقوله خطوة متوقعة ومعتادة في تدليس ائمة الدعشنة المارقة في الاماكن وترسيخ ان نجد هي العراق في عقول العامة من أتباعهم وعن قول الالباني (من أنكر هذا الحديث وحكم عليه بالوضع )قال المرجع الصرخي ولا نعرف ماذا كان يدور في ذهن الألباني على نحو التفصيل والدقة، ((مجرد محتملات نطرحها لتمرين الذهن وتعويده على طرح المحتملات)) فهل كان يقصد بالمعجزة العلمية ما علِم به وتنبأ به(صلى الله عليه وآله وسلم) فتحققت النبؤة واقعا وصدقا وعدلا؟ أو كان يقصد بمعجزة علمية في علوم الطبيعة والفلك في الإكتشاف العلمي في أن الشرق شمالٌ وأن نجدا عراق أو مصر؟