صراع الملك وتقسيم البلاد ... الدواعش وأئمتهم أنموذجاً
الثلاثاء , 28 مارس , 2017
لم يعد خافياً على أي إنسان مسلم أو غير مسلم إن الشعارات التي يرفعها الدواعش التي تدور حول الدفاع عن الإسلام والمسلمين وتوحيد البلاد الإسلامية ماهي إلا شعارات زائفة فارغة لا توجد أي ذرة للصدق فيها, فكل ما يصبون له هو الملك والحكم والسلطان هذا هو الدافع الحقيقي لهم وهذا ليس بحديث عهد عند هؤلاء الشرذمة بل هو مستمد من أئمتهم وشيوخهم, فهذا يزيد ينكر نزول الوحي وينكر الرسالة السماوية عندما ردد ( لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل ) حيث ينظر إلى إن ما جاء به سيد البشرية " صلى الله عليه آله وسلم " هو قضية مفتعلة من أجل الملك وهذا ما دفع به إلى قتل الحسين سبط رسول الله, واستباحة مكة والمدينة من أجل الحكم, خصوصاً بعدما رفض الصحابة مبايعته أي رفض حكمه وسلطانه. ولم يكن الأمر محصوراً بيزيد فهذا يزيد بن الوليد قتل ابن عمه الوليد بن يزيد من أجل الحكم والسلطان وتحجج بحجج من أجل قتله واستلام الحكم والسلطان, واستمر حال أئمة الدواعش في الصراع حتى أدخلوا البلاد الإسلامية في دوامات حروب وصراعات داخلية جعل هذه الأمة مقسمة ومتشرذمة, حتى إن هذا الأمر موجود في زمن الأيوبيين الذين يدعون التيمة بأنهم وحدوا الأمة, فما حصل بعد وفاة صلاح الدين قسم البلاد الإسلامية إلى دويلات ومقاطاعات وممالك. هذا ما بينه المرجع الصرخي في المحاضرة الثامنة والعشرون من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري) حيث كشف إن أئمة الدواعش التيمية التكفيريون يستميتون في سبيل السلطة ويعادي بعضهم البعض ويقتل بعضهم البعض في سبيل الوصول إلى الحكم والسلطة !! وقد استدل المحقق الصرخي بما ذكره ابن الأثير في الكامل 10 , مشيراً إلى إن البلاد انقسمت أكثر فأكثر، كان سلطان واحد لصلاح الدين، كان سلطان السلاطين وملك الملوك وخليفة الخلفاء وإمام الأئمة، لكن بعد وفاته صار كل منهم يريد أن يصير سلطانًا !! حيث قال: نطلع هنا على بعض ما يتعلق بالملك العادل وهو أخو القائد صلاح الدين، وهو الذي أهداه الرازي كتابه أساس التقديس، وقد امتدحه ابن تيمية أيضًا، فلنتابع الموارد التالية لنعرف أكثر ونزداد يقينًا في معرفة حقيقة المقياس والميزان المعتمد في تقييم الحوادث والمواقف والرجال والأشخاص، فبعد الانتهاء من الكلام عن صلاح الدين وعمّه شيركوه، ندخل في الحديث عن الملك العادل، فبعد التوكّل على الله يكون الكلام في موارد: المورد1: الكامل10/(120): [ثم دخلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة(589هـ)]: [ذِكْرُ حَالِ أَهْلِهِ(صلاح الدين) وَأَوْلَادِهِ بَعْدَهُ]: لَمَّا مَاتَ صَلَاحُ الدِّينِ بِدِمَشْقَ كَانَ مَعَهُ بِهَا وَلَدُهُ الْأَكْبَرُ الْأَفْضَلُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ، وَكَانَ قَدْ حَلَفَ لَهُ الْعَسَاكِرُ جَمِيعُهَا، غَيْرَ مَرَّةٍ فِي حَيَاتِهِ، 1ـ فَلَمَّا مَاتَ مَلَكَ دِمَشْقَ، وَالسَّاحِلَ، وَالْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ وَبَعْلَبَكَ، ((لاحظ إذا كان أقرب المقربين لصلاح الدين وليس له طاعة له، فكيف تطيع الناس صلاح الدين؟!!)) وَصَرْخَدَ، وَبُصْرَى وَبَانْيَاسَ. وَهُونِينَ وَتِبْنِينَ. وَجَمِيعَ الْأَعْمَالِ إِلَى الدَّارُومِ. 2ـ وَكَانَ وَلَدُهُ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ عُثْمَانُ بِمِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَاسْتَقَرَّ مُلْكُهُ بِهَا. 3ـ وَكَانَ وَلَدُهُ الظَّاهِرُ غَازِي بِحَلَبَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَعَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِهَا مِثْلَ: حَارِمٍ، وَتَلِّ بَاشَرْ، وَإِعْزَازَ وَبَرْزَيَةَ، وَدَرْبِ سَاكْ، وَمَنْبَجَ وَغَيْرِ ذَلِكَ. 4ـ وَكَانَ بِحَمَاةَ مَحْمُودُ بْنُ تَقِيِّ الدِّينِ عُمَرَ فَأَطَاعَهُ وَصَارَ مَعَهُ ((أي صار مع الظاهر غازي)). 5ـ وَكَانَ بِحِمْصَ شِيرِكُوهُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرِكُوهُ، فَأَطَاعَ الْمَلِكَ الْأَفْضَلَ وعلق المرجع الصرخي قائلا : ((لاحظ انقسمت البلاد أكثر فأكثر، كان سلطان واحد لصلاح الدين، كان سلطان السلاطين وملك الملوك وخليفة الخلفاء وإمام الأئمة، لكن بعد وفاته صار كل منهم يريد أن يصير سلطانًا)). 6ـ وَكَانَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ بِالْكَرَكِ قَدْ سَارَ إِلَيْهِ(الى الكرك)، كَمَا ذَكَرْنَا فَامْتَنَعَ فِيهِ(في الكرك) وَلَمْ يَحْضُرْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِ أَخِيهِ، وعلق المحقق الصرخي مشيرا الى الصراع والتقاتل من اجل السلطة : ((كما يقال: أخذ له زعلة، أي زعل على أولاد أخيه، هذا العم لم يذهب لأي أحد من أولاد أخيه، لا لمصر وفيها العزيز ولا لدمشق وفيها الأفضل، ولا لحلب وفيها الظاهر)) 7ـ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ الْأَفْضَلُ يَسْتَدْعِيهِ ((لاحظ التنافسات والتآمرات، لاحظ الخدع والمكر والاحتيال والنصب والصراع الغريب العجيب)) لِيَحْضُرَ عِنْدَهُ فَوَعَدَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ، فَأَعَادَ مُرَاسَلَتَهُ وَخَوَّفَهُ مِنَ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ صَاحِبِ مِصْرَ، وَمِنْ أَتَابِكْ عِزِّ الدِّينِ(زَنكي) صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ سَارَ عَنْهَا إِلَى بِلَادِ الْعَادِلِ الْجَزَرِيَّةِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ. 8ـ وَيَقُولُ(الأفضل) لَهُ(للعادل): إِنْ حَضَرْتَ جَهَّزْتُ الْعَسَاكِرَ وَسِرْتُ إِلَى بِلَادِكَ فَحَفِظْتُهَا، وَإِنْ أَقَمْتَ قَصَدَكَ أَخِي الْمَلِكُ الْعَزِيزُ لِمَا بَيْنَكُمَا مِنَ الْعَدَاوَةِ، وَإِذَا مَلَكَ عِزُّ الدِّينِ بِلَادَكَ فَلَيْسَ لَهُ دُونَ الشَّامِ مَانِعٌ. وَقَالَ(الأفضل) لِرَسُولِهِ: إِنْ حَضَرَ(العادل) مَعَكَ وَإِلَّا فَقُلْ لَهُ قَدْ أَمَرَنِي: إِنْ سِرْتَ إِلَيْهِ بِدِمَشْقَ عُدْتُ مَعَكَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَسِيرُ إِلَى الْمَلِكِ الْعَزِيزِ أُحَالِفُهُ عَلَى مَا يَخْتَارُ، ((لاحظ ترهيب وترغيب)) [[أقول: العزيز أخو الأفضل وابن أخ العادل، فالعادل عم الأفضل والعزيز، فما هذا الصراع المستميت على السلطة؟!]] 9ـ فَلَمَّا حَضَرَ الرَّسُولُ عِنْدَهُ(العادل) وَعَدَهُ بِالْمَجِيءِ، فَلَمَّا رَأَى(الرسول) أَنْ لَيْسَ مَعَهُ(العادل) مِنْهُ غَيْرُ الْوَعْدِ، أَبْلَغَهُ مَا قِيلَ لَهُ فِي مَعْنَى مُوَافَقَةِ الْعَزِيزِ(أي يَسِيرُ الرسول إِلَى الْمَلِكِ الْعَزِيزِ يحَالِفُهُ عَلَى مَا يَخْتَارُ، [[أي يُشير للعادل أن العزيز سيختار غَزْوَ الكَرَك للعداوة بينه وبين عمه العادل المتواجد في الكَرك]] 10ـ فَحِينَئِذٍ سَارَ(العادل) إِلَى دِمَشْقَ، وَجَهَّزَ الْأَفْضَلُ مَعَهُ عَسْكَرًا مِنْ عِنْدِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبِ حِمْصَ، وَصَاحِبِ حَمَاةَ، وَإِلَى أَخِيهِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ بِحَلَبَ، يَحُثُّهُمْ عَلَى إِنْفَاذِ الْعَسَاكِرِ مَعَ الْعَادِلِ إِلَى الْبِلَادِ الْجَزَرِيَّةِ لِيَمْنَعَهَا مِنْ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ(الزنكي)، وَيُخَوِّفَهُمْ إِنْ هُمْ لَمْ يَفْعَلُوا. ((سيدخل عليكم الزنكي وسيحتل الأراضي وغيرها من أساليب التخويف)) 11ـ وَمِمَّا قَالَ لِأَخِيهِ الظَّاهِرِ: قَدْ عَرَفْتَ صُحْبَةَ أَهْلِ الشَّامِ لِبَيْتِ أَتَابِكْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ مَلَكَ عِزُّ الدِّينِ(زنكي) حَرَّانَ لِيَقُومَنَّ أَهْلُ حَلَبَ عَلَيْكَ وَلَتَخْرُجَنَّ مِنْهَا وَأَنْتَ لَا تَعْقِلُ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِي أَهْلُ دِمَشْقَ، فَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى تَسْيِيرِ الْعَسَاكِرِ مَعَهُ، فَجَهَّزُوا عَسَاكِرَهُمْ وَسَيَّرُوهَا إِلَى الْعَادِلِ}}.