بدعة الدواعش في المكي والمدني !!! بقلم محمد النائل
الجمعة , 31 مارس , 2017
بدعة الدواعش في المكي والمدني !!!
التفسير الموضوعي منهج من مناهج أو أسلوب من أساليب علم التفسير إلى جانب التفسير التحليلي و التفسير الإجمالي و التفسير المقارن. إذا كان التفسير التحليلي يأخذ كل آية أو مجموعة آيات على حدة، فيذكر ما يتعلق بها من الناحية اللغوية و العقائدية و الفقهية و الكلامية إلى جانب ما يتعلق بها من ناحية مباحث علوم القرآن الأخرى، فإن التفسير الموضوعي هو أفراد الآيات القرآنية التي تعالج موضوعاً واحداً وهدفاً واحداً، بالدراسة والتفصيل، بعد ضم بعضها إلى بعض، مهما تنوعت ألفاظها، وتعددت مواطنها - دراسة متكاملة. فالتفسير الموضوعي إذن هو التناول لجانب واحد من جوانب القرآن الكريم بالبحث والدراسة بالنظر إلى الأبواب، كدراسة: الإيمان والكفر والنفاق في القرآن، الأخلاق في القرآن، الربا في القرآن، وغيرها من المواضيع . فقد تصدى المرجع الصرخي الحسني لمجابهة الفكر التيمي المتطرف المتمثل في وقتنا الحاضر بالدواعش وإبطال وتسفيه فكرهم المنحرف الذي لايمت بأي صلة إلى الدين الإسلامي للتقليل والحد من إباحة دماء المسلمين ,من خلال محاضراته التأريخية والإسلامية في العقائد والتأريخ الإسلامي : قال تعالى): {{وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا}}الاسراء60 والآية الكريمة فيها جانبان هما موردا البحث هنا: 1- الرؤيا 2- الشجرة الملعونة. وسنذكر أُنموذجًا واحدًا مِن المفسرين بخصوص هذه الآية المباركة، حتّى نعرف كيف يتعامل أتباع الخطّ الأمويّ التميميّ مع النصوص القرآنيّة والأحاديث الشريفة: تفسير القرطبي القرطبي يذكر عدّة أقوال بخصوص كلّ جانب مِن الجانبين: 1- بخصوص الرؤيا قال القرطبي: 1- رُؤْيَا عَيْنٍ... كما في البخاري والترمذي عن ابن عباس. 2- وَقِيلَ: كَانَتْ رُؤْيَا نَوْمٍ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَقْضِي بِفَسَادِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ رُؤْيَا الْمَنَامِ لَا فِتْنَةَ فِيهَا، وَمَا كَانَ أَحَدٌ لِيُنْكِرَهَا. 5- الرُّؤْيَا الَّتِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ هِيَ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فِي سَنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَرُدَّ فَافْتُتِنَ الْمُسْلِمُونَ لِذَلِكَ... وَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ ضَعْفٌ، لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَتِلْكَ الرُّؤْيَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ. د- وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: إِنَّهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَأَى في المنام بني مروان ينزون عَلَى مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ. 2- بخصوص الشجرة الملعونة قال القرطبي: 1- شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. 2- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ بَنُو أُمَيَّةَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى الْحَكَمَ. وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ مُحْدَثٌ وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، فَيَبْعُدُ هَذَا التَّأْوِيلُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ(). لاحظوا القرطبي قد نفى أن تكون الرؤيا هي رؤيا نوم، ونفى أن يكون المراد بالشجرة الملعونة هم بنو أميّة، ودليله في ذلك أنّ السورة مكيّة وأنّ ما حصل هو في المدينة!!! إذن هو حَكّمَ التقسيم المكّي والمدني على الحديث الصحيح! وهنا علينا أن نعرف ما هي حقيقة هذا التقسيم؟ وهل هو مبنيٌ على دليلٍ شرعي؟ إذ لم يرد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قول ولا إشارة ولا إمضاء على تقسيم السوَر والآيات إلى مكّية ومدنية(). وبعد تتبع معاني واصطلاحات المكي والمدني، نجد أنّ علماء المسلمين لم يتفقوا على تعريف معيّن، وإنّما اختلفوا في ذلك، ولهذا نجد لهم عدّة أقوال: فالمكي: ما نزل قبل الهجرة وإن كان نزوله بغير مكة ، والمدني: ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بغير المدينة. واختلفوا في ما نزل عليه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أثناء هجرته من مكّة إلى المدينة. أو المكي: ما نزل بمكّة وإن كان بعد الهجرة، ويدخل في مكة ضواحيها كمِنى وعرفات والحديبية، والمدني: ما نزل بالمدينة ويدخل في المدينة ضواحيها كبدر وأحد. واختلفوا فيما نزل عليه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في غير مكة وضواحيها وغير المدينة وضواحيها. أو المكّي: ما وقع خطابا لأهل مكّة، والمدني: ما وقع خطابا لأهل المدينة. أو المكّي ما جاء بخطاب يا أيّها الناس أو يا بني آدم ونحوه، والمدني ما جاء بخطاب يا أيّها الذين آمنوا ونحوه(). إنّ هذا الاختلاف والتعدد في بيان تعريف المكّي والمدني دليل واضح على أنّه لم يكن لا في القرآن ولا في السنّة الشريفة، وهنا ترد أسئلة: مِن أين جاء هذا التقسيم؟ وما هي الغاية منه؟ فهل التقسيم ضرورة؟ وإذا كان ضرورة فلماذا لم ينبّه عليه ويُرشد إليه القرآن و خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله؟! أو إنّه بدعة، وهل أنّها بدعة حسنة أو أنّها بدعة ضلالة يُراد بها التدليس والتنطنط والشيطنة والتلبيس()؟!! وبعد الرجوع قليلًا إلى ما فعله القرطبي، إذ حكّم تقسيم المكّي والمدني على النصوص الصحيحة الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسنعرف يقينًا مدى خطورة هذا التقسيم. وقال سماحة المرجع الصرخي بهذا الخصوص: هل لاحظتم خطورة استغلال التقسيم إلى مكّي ومدني، فبالرغم مِن كونه بدعة ما أنزل الله بها مِن سلطان ولم يرد أيّ إشارة عنها مِن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكن مع كلّ ذلك فإنّ خط التكفير الفكريّ والتفخيخ الداعشيّ يقدّم ويحكّم التقسيم المكّيّ المدنيّ على النصّ الوارد عن الصحابة وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فبكلّ جرأة يأتي أحدهم برواية عن صحابي كابن عباس أو غيره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيرفضها ويبطلها، مدّعيًا أنّ هذه الآية مكيّة أو الأخرى مدنيّة وثالثة غير ذلك وهكذا حسب الموارد والمقامات، إنّه قياس باطل وأوّل مَن قاس إبليس"()!!! والآن تبيّن كيف أنّ الخطّ التيميّ يحاول وبكلّ ما يستطيع الدفاع عن أئمّته المارقة (بني أميّة) حتّى لا يكونوا مِن مصاديق رؤيا النبي ولا مِن مصاديق الشجرة الملعونة . جاء ذلك في المحاضرة الرابعة "وَقَفات مع.... تَوْحيد التَيْمِيّة الجِسْمي الأسطوري"