لا يخفى على الجميع إن تنظيم داعش الإرهابي يخدم جميع الدول التي تبحث عن مصلحتها في العراق سواء كانت دول شرقية أو غربية هذا بصرف النظر عن سبب نشوء وظهور هذا التنظيم, لكن النتيجة الواضحة والمعروفة لدى الجميع هي إن هذا التنظيم يخدم ويعمل لصالح كل جهة أو دولة تدفع له وتقدم له الدعم المالي والعسكري مما يتناسب مع مصالحهم ومنافعهم, وهذا ليس بجديد على هؤلاء المارقة القتلة المجرمين بل هي سنة أئمتهم شيوخهم وزعمائهم. فعلاوة على ما كان يقوم به الأمويين من توظيف الخوارج لصالحهم وفي الوقت ذاته كان الخوارج ينتفعون من الدعم الذي يحصلون عليه من الأمويين, فعلاوة على ذلك تجد إن الأيوبيين الذين يسميهم الدواعش بأصحاب الدولة المقدسة قد تعاملوا على هذا الأساس, وتعاملوا بأخذ الأموال والرشى كما يفعل الدواعش اليوم, وهذا ما ذكره إبن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ في الجزء العاشر, الصفحة مئة وثمانية وثمانون, حيث يقول إبن الأثير(([ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(599هـ)]: [ذِكْرُ حَصْرِ عَسْكَرِ الْعَادِلِ مَارْدِينَ وَصُلْحِهِ مَعَ صَاحِبِهَا]: قال ابن الأثير: فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ، سَيَّرَ الْمَلِكُ الْعَادِلُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَيُّوبَ صَاحِبُ دِمَشْقَ وَمِصْرَ، عَسْكَرًا مَعَ وَلَدِهِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ مُوسَى إِلَى مَارْدِينَ، فَحَصَرُوهَا، وَشَحَنُوا عَلَى أَعْمَالِهَا، وَانْضَافَ إِلَيْهِ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ وَسِنْجَارَ وَغَيْرِهِمَا، وَنَزَلُوا بِخَرْزَمَ تَحْتَ مَارْدِينَ وَنَزَلَ عَسْكَرٌ مِنْ قَلْعَةِ الْبَارِعِيِّةِ - وَهِيَ لِصَاحِبِ مَارْدِينَ - يَقْطَعُونَ الْمِيرَةَ عَنِ الْعَسْكَرِ الْعَادِلِيِّ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ الْعَادِلِيِّ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ الْبَارِعِيَّةِ وَثَارَ التُّرْكُمَانُ وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَأَكْثَرُوا الْفَسَادَ، فَتَعَذَّرَ سُلُوكُ الطَّرِيقِ إِلَّا لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَرْبَابِ السِّلَاحِ فَسَارَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَسْكَرِ الْعَادِلِيِّ إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ لِإِصْلَاحِ الطُّرُقِ، وَكَفِّ عَادِيَةِ الْفَسَادِ، وَأَقَامَ وَلَدُ الْعَادِلِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ غَرَضٌ فَدَخَلَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ غَازِي بْنُ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ - صَاحِبُ حَلَبَ - فِي الصُّلْحِ بَيْنَهُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ الْعَادِلِ فِي ذَلِكَ، فَأَجَابَ إِلَيْهِ عَلَى قَاعِدَةِ أَنْ يَحْمِلَ لَهُ صَاحِبُ مَارْدِينَ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَجَاءَ صَرْفُ الدِّينِارِ أَحَدَ عَشَرَ قِيرَاطًا مِنْ أَمِيرِيٍّ، وَيَخْطُبَ لَهُ بِبِلَادِهِ، وَيُضْرَبَ اسْمُهُ عَلَى السِّكَّةِ، وَيَكُونَ عَسْكَرُهُ فِي خِدْمَتِهِ أَيَّ وَقْتٍ طَلَبَهُ وَأَخَذَ الظَّاهِرُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ مِنَ النَّقْدِ الْمَذْكُورِ، وَقَرْيَةَ الْقَرَادِيِّ مِنْ أَعْمَالِ شَبَخْتَانَ فَرَحَلَ وَلَدُ الْعَادِلِ عَنْ مَارْدِينَ )).!! وهنا نذكر تعليق المرجع الديني السيد الصرخي الحسني على هذا المورد لإبن الأثير في المحاضرة التاسعة والعشرون من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) حيث قال {{.. بأي عنوان أخذ الظاهر العشرين ألف دينار؟!! رشوة أو سَمسَرة (دلّالية) أو غصب أو سرقة أو هديّة؟!! فكلّ شيء صار بالمال القتال والسلام والتوسّط للإصلاح والنميمة والمكر والغدر والنفاق، كلّ شيء بالمال، وكأنّنا رجعنا إلى جاهليّة سوداء!!! }}. هذه هي أفعال أئمة وشيوخ ورموز الدواعش يتعاملون بالمال وبالرشى من أجل مصالحهم الشخصية وليس من أجل الإسلام والمسلمين, وعلى هذه السنة التيمية يسير الدواعش اليوم فهم يأخذون المال من أي جهة كانت ومن أي دولة كانت وينفذون ما تمليه عليهم تلك الدول فيحصل القتل والسلب والنهب والخراب في البلاد الإسلامية وتنتهك الأعراض والمقدسات وتزهق الأرواح من أجل الأموال والفكر السقيم العقيم المنحرف.