السلاطين بين لذة الحكم والعدالة
بقلم احمد السيد
أمر الله تعالى بالعدل، فالعدل ميزان الله تعالى في الأرض الذي يؤخذ به للضعيف من القوي، وكما أنه ليست كل النفوس تصلح على العدل، بل تطلب الاحسان وهو فوق العدل، فقال سبحانه وتعالى: ( إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى) سورة النحل الآية 90. كما أن أفضل الأيام ثواباً أيام العدل. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة) ولما للعدل من أهمية أساسية في ترسيخ الحكم الإسلامي المحمدي الأصيل فصار ضرورياً أن يكون الإمام و الحاكم السلطان و الخليفة يتمتع بعدالة مطلقة ويجب أن يكون منزهاً من جميع الرذائل لكي يصلح أن يكون قدوة حسنة فالإمام أو الحاكم أو السلطان الذي يريده الإسلام لينعم الناس في ظله ويفوز برضا الله تعالى والجنة هو الحاكم العادل، وعدل الحاكم لا ينشأ من فراغ، وإنما هو بعد توفيق الله تعالى ثمرة لتربية إيمانية أخلاقية سلوكية، ولنصح البطانة الصالحة التي ترشده إلى الخير وتعينه عليه، تبتغى بذلك رضا الله تعالى والجنة، وجهاد مستمر للنفس البشرية وشياطين الإنس والجن الذين يغرونه بما تهوى النفس وتشتهي، تغريه بالظلم والفساد والانحراف؛ وذلك كله يحقق له ذاتيته ويشعره بلذة الحكم، وما أدراك ما لذة الحكم؟ كما يحقق له المكاسب المادية، وتعود على بطانة السوء بما يشتهون؛ لأنه إن رتع رتعوا، وإن عف عفوا. وعندما تأتي تبحث في التأريخ الإسلامي تجد أن الأمة الإسلامية قد حكمها الكثير من الحكام والسلاطين والخلفاء عرباً وعجماً أسياداً ومماليكاً لكن المفاجئة أنك لم تجد فيهم من يطبق العدالة الإلهية إلا النادر الأندر تجد تأريخ هؤلاء القادة والأئمة السلاطين والخلفاء أسود خارجاً عن ضوابط الإنسانية حتى , والخلافة العباسية وسلاطينها في مصر والشام عينة صغيرة ومثالاً سيئاً عن بعض الحكام الخارجين عن القانون الإلهي تجد أن الصفات القبيحة والرذائل والجبن والخيانة والمعصية والظلم أصبحت ملازمة وعلى أساسها يتم اختيار الخليفة أو السلطان فكانت أسماءهم رنانة تدعو إلى التوحيد والعدل والانتصار للمظلومين كالملك العادل والمستنصر بالله والقاهر وو, أما أفعالهم فكانت عكس الأسماء بعيدة كل البعد عن المدار الإنساني وكوكب الأخلاق والعفة , كانت مجالسهم وقصورهم حافلة بالفسق والفجور وشرب الخمر وأكل الحرام بينما جيران القصر رعايا ملك القصر يبيتون عراة جائعين بعضهم بالزنزانات وبعضهم مشردين متسكعين في الأزقة والشوارع وآخرين مشردين ومهجرين والباقي تحت الأرض قضوا بسبب الجوع والمرض ورفض الظلم بالإضافة إلى غفلة الملوك والسلاطين عن أحوال الناس فهم تميزوا أيضاً بالجبن والهروب من مواجهة العدو بل عمدوا إلى أخس من ذلك أن قاموا بتخريب جميع بلاد المسلمين التي لم يستطيعوا حمايتها بحجة واهية غبية ساذجة وهي كي لا يطمع فيها المحتل تخرب البلاد بعد أن أنفقوا عليها المال والذهب لأسباب تدعو إلى الاستغراب ولم يتوقفوا عند ذلك الحد بل سلموا بعض البلدان الإسلامية إلى الصليبيين وبالمقابل سفكوا دماء رعاياهم ونهبوا أموالهم وخربوا مدنهم فكان الناس وخصوصاً أهل مصر في تذمر دائم ورفض لكل مايفعله السلاطين والخلفاء فكانت تندلع الثورات تلوا الثورات لكن سرعان ماتقمع وتباد مدن الثوار وبيوتهم بمن فيها غضباً وسخطاً عليهم كانت هذه الأفعال تصدر من ملك اسمه العادل أو المنتصر أو المعتصم بالله كما أن هؤلاء السلاطين حولوا الصراع فيما بينهم من أجل السلطة والنفوذ والطمع في توسيع أحكامهم والعدو الصليبي ينعم بالراحة والأمان في ظل الخلاف الإسلامي الإسلامي تارة باسم الطائفية وأخرى بالمذهبية وأخرى بالنسبية فصار الصراع بين الأخوة السلاطين وتفصيل هذا في محاضرة المرجع الصرخي الثانية والثلاثين من بحثه (وقفات مع.... توحيد التيمية الجسمي الأسطوري) التي ألقاها يوم الجمعة الساعة الثامنة مساءً المصادف 9 رجب 1438هــ 7-4-2017 م فتطرق لعدة أمور مهمة تناول فيها أحوال وعدالة الخلفاء والسلاطين وأسباب ابتعادهم عن خط الأخلاق المحمدية الشريفة , فليس بغريب صدور هكذا أفعال مشينة قادحة في الدين الإسلامي بعيدة عن الإنسانية من هكذا سلاطين وخلفاء عجم ومماليك ومماليك المماليك ومماليك مماليك الممالي عديمي الأخلاق والتربية الإسلامية غير ملتزمين دينياً تاركين لأوامر الله مؤتمرين بأوامر الشيطان والهوى هؤلاء من صفق لهم أغلب الرعية وروج لهم فتركوا اللب والثمر وتمسكوا بالقشور العفنة المصابة بداء الفساد المزمن وبالنتيجة ضياع الأمة وخيبة الأمل والتفرقة وعدم رضا الله تعالى فمستهم النار التي حذرهم الله منها في قوله تعالى (( ولا تركونوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ))) ولكي نبتعد عن جميع الأخطاء التي وقع بها أسلافنا علينا أن نحسن اختيار القائد وأن نبحث عن حاكم له صفاته الإسلامية العالية مستناً بسنة الرسول وآله الأطهار وصحبه المنتجبين ولنكن خصوماً وأعداءً ورافضين للظلم والظالمين وعوناً للمظلومين والمحرومين وكما قال الإمام علي عليه السلام حينما أوصى ولديه الحسن والحسين قائلاً: (كونا للظالم خصماً والمظلوم عوناً)
ولنكن قدر المسؤولية فالإسلام والحفاظ على بيضته ورعاية المحرومين والانتصار للمظلومين مسؤولية الجميع .
https://www.mrkzgulf.com/do.php?img=524055 لمشاهدة المحاضرة الــ32 كاملة من خلال الرابط أدناه:
https://www.facebook.com/alsrkhy.alhasany/videos/1467053736699439/