يحاول دواعش الفكر التكفيريون المتعطشون للدماء من طمس بعض معالم التاريخ وحقائقه من خلال تزويق وتلميع صورة بعض القيادات والرموز التي كانت سيرتها الذاتية ملائمة جداً لخطهم ونهجهم التكفيري بل منها أخذ هؤلاء الدواعش منهجهم وفتاواهم, هذا من جهة ومن جهة أخرى ومن أجل أن يكفرون الناس ويقتلونهم بجريرة غيرهم أخذوا يركزون على جوانب من التاريخ هي بالأساس محل خلاف وغير ثابتة بشكل قطعي ويجعلونها سبباً لتكفير الناس وقتلهم وإستباحة أموالهم وأعراضهم ومقدساتهم.. ومن بين تلك الأمور تجد إن الدواعش التيمية التكفيريين يكفرون الشيعة بسبب إدعائهم بأن إبن العلقمي قد تآمر هو والشيخ الطوسي مع المغول " هولاكو " وسلموا له بغداد, بينما هناك من المؤرخين كــ "رشيد الدين الهمذاني " بين عكس هذا الإدعاء, ولكن مع التسليم بصحة مايدعي الدواعش التيمية ومن سار على نهجهم الذي يبحث عن الأسباب التافهة لتكفير الناس, فهل كان إبن العلقمي إماماً شيعياً ؟ هل حاكماً شيعياً ؟ وإن كان شيعياً فكيف جعله الخليفة العباسي المستعصم وزيراً عنده ؟ وإذا كان متعاوناً مع هولاكو فلماذا قتله هولاكو ؟ ونحن هنا لسنا في مقام الدفاع عن ابن العلقمي لكن نحن في مقام بيان أمر أوضحناه سلفاً وهو بحث هؤلاء التيمية الدواعش عن اسباب لتكفير الناس وقتلهم. فمع فرض صحة كل ما يقوله التيمية الدواعش عن ابن العلقمي, فهل ما فعله ابن العلقمي يوازي أو يشابه ما فعله الملك المعظم صاحب دمشق بالقدس ؟ هل بغداد في نظر التيمية توازي القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ؟ وإذا كانت بغداد بمثل قيمة القدس فلماذا يكفر الشيعة ويقتلون ولا يكفر من يقول بعدالة وعظمة صاحب دمشق ؟ لماذا هذه الإزدواجية ؟ وهنا نذكر ما قاله ابن الأثير في كتابه " الكامل في التاريخ " الجزء العاشر / ص 307 حيث قال (( لَمَّا مَلَكَ الْفِرِنْجُ دِمْيَاطَ أَقَامُوا بِهَا، وَبَثُّوا سَرَايَاهُمْ فِي كُلِّ مَا جَاوَرَهُمْ مِنِ الْبِلَادِ، يَنْهَبُونَ وَيَقْتُلُونَ، فَجَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا، وَشَرَعُوا فِي عِمَارَتِهَا وَتَحْصِينِهَا، وَبَالَغُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى إِنَّهَا بَقِيَتْ لَا تُرَامُ. وَأَمَّا الْمَلِكُ الْكَامِلُ فَإِنَّهُ أَقَامَ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ فِي أَطْرَافِ بِلَادِهِ يَحْمِيهَا مِنْهُمْ. وَلَمَّا سَمِعَ الْفِرِنْجُ فِي بِلَادِهِمْ بِفَتْحِ دِمْيَاطَ عَلَى أَصْحَابِهِمْ أَقْبَلُوا إِلَيْهِمْ يُهْرَعُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ،وَأَصْبَحَتْ دَارَ هِجْرَتِهِمْ، وَعَادَ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ صَاحِبُ دِمَشْقَ إِلَى الشَّامِ فَخَرَّبَ الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ ..))... وهنا نورد تعليق المرجع الصرخي الحسني على هذا المورد في المحاضرة الثالثة والثلاثون من بحث " وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري " والذي بين فيه تناقض التيمية الدواعش وعورهم الفكري, حيث قال : {{... ملوك؛ سلاطين الدول الإسلامية يخرّبون البيت المقدّس بأيديهم!! فيا ابن تيمية ويا مارقة هل عندكم ابن العلقمي هنا أو الطوسيّ أو ابن سبأ أو الإسماعيليّ أو الفاطميّ أو الزيديّ أو الإماميّ الاثني عشري تعَلِّقون عليهم فَشَلَكُم وخيانتَكم وانحرافَكم وفسادَكم وعارَكم في تهديم البيت المقدس؟!! فأين المقدسات وحرمة المقدسات وأين أولى القبلتين وثالث الحرمين، وأين التمجيد والتبجيل والتعظيم للسلطان الناصر الفاتح الذي خاض الحروب والحروب والحروب ضد إخوانه المسلمين وخرب بلدانهم وزُهِقَت عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من الأرواح البريئة وشُرِّدَ وسُبِي أضعاف ذلك من النساء والأطفال والشيوخ، بتبرير أنّه فَعَلَ ذلك لتوحيد المسلمين وبلاد الإسلام من أجل التفرّغ لتحرير بيت المَقْدس؟!! وبعد كل ذلك تبيّن أنّه لا قيمة عندهم للبيت المقدس وحاله حال أي قلعة أو حصن أو مُنشأ أو بيت، تُهْدَم وتهدِّم وتُخَرّب بما هي أو على رؤوس أصحابها، فتصوّروا لو أنّ أحدَ المنتمين لعنوان الشيعة من فاطمية أو اسماعيلية أو زيدية أو نصيرية أو إمامية، أو أي عنوان آخر أزال حَجَرًا واحدا من البيت المقدّس، فبماذا سيشنّع عَلَيْه التيميّة ومنهجهم الظالم التدليسي ...}}. فهل ما فعله السلطان المعظم الأيوبي صاحب الدولة المقدسة كما يسميه التيمية الدواعش يشابه فعل إبن العلقمي والطوسي ؟ هل القدس التي خربها السلطان الأيوبي المعظم صاحب الشام بيديه تشبه من الناحية القدسية بغداد التي أسقطها ابن العلقمي مع فرض التسليم بصحة ذلك ؟ فلماذا التكفير والقتل وإنتهاك الحرمات يصب على الشيعة ولا يشمل غيرهم ممن يقول بعدالة من خرب بيت المقدس ؟ نحن لا نستغرب ولا نعجب من التيمية الدواعش لأنهم برروا لإمامهم معاوية ويزيد إستباحة مكة والمدينة ولم يكفروهم بينما كفروا الشيعة الإمامية لأن القرامطة وهم فرقة لا تمت للتشيع الإمامي الإثني عشري بصلة لأنهم استباحوا مكة !! يبررون لأئمتهم قباحتهم بينما يتهمون الآخرين من الشيعة وغير الشيعة بجرائم من شذ عنهم, بل من تبرأ الشيعة منهم, وهنا نسأل التيمية هل يستطيعون أن يتبرءوا من أئمتهم الذين استباحوا مكة والمدينة وبيت المقدس كما فعل ويفعل الشيعة عندما تبرءوا من كل شخص أو جهة أو حاكم دنس المقدسات حتى وإن كان ممن يحسبون على التشيع ؟.