كتب أحد المثقفين والإعلاميين العرب مقولة على حسابه الشخصي قائلاً فيها " كم كنا مغفلين, كنا نعتقد أن الغرب سيعاقب أي طاغية عندما يهدم بيتاً فوق رؤوس ساكنيه، لكننا اكتشفنا متأخرين أن هذا العالم الحقير وعلى رأسه ما يسمى بالعالم الحر، أي الغرب، يفضل هذا النوع من الحكام المجرمين ويصفق لهم كلما دمروا المزيد من الأوطان لأنهم يوفرون فرصاً عظيمة للشركات الكبرى لإعادة الإعمار " علماً أن كاتب هذه السطور هو الدكتور فيصل القاسم والكل يعرف التوجيه المذهبي لجناب الدكتور القاسم. وفي والوقت ذاته نجد هناك أحد دعاة التيار السلفي التيمي ومن أبرز مشايخه في الوقت الحاضر وهو الشيخ سعد بن غنيم يصف ترامب رئيس أكبر دولة تمارس كل أشكال الأحتلال في العالم وتحديداً في العالم العربي يصفه بأنه " خادم الله " وبعدما أحرجه الإعلام العالمي قام بحذف تغريدته وحولها إلى دعاء يقول فيه " الله إن ترامب عبد من عبيدك ناصيته بيدك وأمره إليك فسخره من حيث أراد أو لم يرد لما فيه خير المسلمين ورفع الظلم عنهم وأكفنا شره وأهده إليك " !!!.. لاحظتم الفرق بين خطاب الدكتور القاسم وبين الشيخ غنيم ؟ هذا يكشف حقائق لعامة الناس عن الغرب ويوضحها للناس بينما الشيخ التيمي يصف رئيس قوى الكفر والإحتلال والغزاة بخادم الرب وتلافى ذلك بالنكران وقال عنه يدعوا له بما ذكرته لكم من دعاء بحسب ما مجود من تغريده على حسابه الشخصي في تويتر ؟ وكأن ترامب أصبح هو لي أمر المسلمين وينتظر منه أن يخدم الإسلام والمسلمين وبلادهم ولم يسأل نفسه هذا الشيخ كيف سيكون خدمة ترامب لبلاد الإسلام ؟ هل هي من خلال الإحتلال الإقتصادي والعسكري بحجة محاربة الإرهاب ؟ هل من أجل تخليص المسلمين من حكامهم الظالمين ؟ فهذا يعني وبحسب مبانيكم ودعوتكم إنه من الجائز شرعاً الاستعانة بالظالم والكافر على الحاكم المسلم الظالم !!!... فإذا كان جائزاً الإستعانة بالكافر والظالم فلماذا تكفرون الشيعة لأن إبن العلقمي إستعان بهولاكو لأنه وكما تقولون حقد على الخليفة بسبب وقعة حصلت بين السنة والشيعة في ناحية الكرخ استبيحت فيها نساء الشيعة وأموالهم وحصل من القتل الكثير !! فعندما استعان ابن العلقمي – هذا لو سلمنا بصحة هذا القول – فلماذا تكفرون ابن العلقمي والشيعة على تلك الإستعانة ؟ وإن قلتم الإستعانة بالكافر محرماً شرعاً فلماذا تستعينون بالكافرين الغرب الآن على المسلمين؟ أليس فعلكم هذا يشابه فعل ابن العلقمي؟ فهولاكو عند ابن العلقمي وبحسب مبناكم هو خادم لله كما تنظرون لترامب الآن بأنه خادماً لله, والكلام هنا موجه لأئمة وشيوخ التيمية وللحكام العرب وليس لغيرهم من عامة الشعوب من كتاب ومثقفين وإعلاميين ممن يرى الأمور بإنصاف وعقلانية بعيداً عن الطائفية والتكفير. يقول " أبو الفداء " في كتابه المختصر في أخبار البشر (( ثم دخلتْ سنة أربعين وستمائة (640هـ) [ذكر وفاة المستنصر بالله]: ... وزيرُ الخليفة مؤيدُ الدين ابن العلقمي كان رافضيًا، وكان أهل الكرخ أيضًا روافضًا، فجرتْ فتنةٌ بين السنّة والشيعة ببغداد، على جاري عادتهم، فأمر أبو بكر ابن الخليفة، وركن الدِّين الدوادار(الدويدار)، العسكر، فنهبوا الكرخ وهتكوا النساء، وركبوا مِنهُنَ الفواحش، فعظُمَ ذلك على الوزير ابن العلقمي، وكاتب التتر وأطمعهم في ملك بغداد، وكان عسكر بغداد يبلغ مائة ألف فارس، فقطعهم المستعصم ليحمل إلى التتر متحصل إقطاعاتهم، وصار عسكر بغداد دون عشرين ألف فارس، وأرسل ابن العلقمي إلى التتر أخاه، يستدعيهم، فساروا قاصدين بغداد في جحفل عظيم )).... وهنا وحسب هذا الرأي الذي طرحه أبو الفداء فإن ابن العلقمي استعان بالتتر لإيقاف البطش الذي لاقته الشيعة على يد الخليفة ودويداره, وقد كفرتم ابن العلقمي وكل الشيعة لهذا الأمر!!, بينما انتم الآن تستعينون بالغرب الكافر وتصفونهم بخدام الله وتستعينون بهم على بلاد الإسلام والمسلمين في حين ما ارتكبه الحكام المسلمين الآن لا يفوق ما ارتكبه الخليفة ودويداره بحق الشيعة في زمن ابن العلقمي بل هو على أقل تقدير يوازيه من فعل قبيح فاحش, ومع ذلك تجعلون تلك الأمور مبرراً للإستعانة بالغرب الكافر !!.. وهنا نطرح تعليق المرجع الصرخي الحسني الذي جاء بصيغة السؤال والإستفهام على ماذكره أبو الفداء وعلى ما يحصل الآن من إستعانة بالغرب الكافر من نفس الجهات التي تكفر الشيعة لأن ابن العلقمي وحسب تدليسهم استعان بهولاكو, وذلك في المحاضرة الثانية والأربعون من بحث " وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري " حيث تسائل المرجع الصرخي بالقول : {{... أـ .... ب- سؤال للمثقفين وللعرب خصوصًا وللمثقفين منهم وغير المثقفين، للمنصفين وغيرهم للعقلاء وللأغبياء ولفاقدي العقول، للذين بذلوا كلَّ جهد، بل توسَّلوا وأذلّوا أنفسهم مِن أجل الحصول على مباركة وتأييد ودعم أميركا والغرب بالدعم الإعلامي والسياسي والعسكري، مِن أجل إسقاط الأنظمة والتخلص مِن سيطرتها وسيطرة الجهات المرتبطة بها، فأي مبرِّر شرعي أو أخلاقي برَّرَ وشرَّعَ لكم الاستعانة بقوى أنتم تصفونها بقوى كفر واحتلال واستعمار وإجرام ؟!! لكنّي لا أتحدَّثُ عن استعانتكم بالمحتلين الكافرين ضد الشيعة الروافض أو العلويّة والاسماعيليّة الملاحدة والفاطميّة أو الصفويّة المجوسيّة، بل كلامي عن الحكام العرب والأنظمة العربيّة السُنِّيّة في البلدان العربيّة التي لم يصدر منها مِن قبح وفساد وإجرام ما يصل إِلى واحد بالألف، بل ولا واحد بالمليون ممّا وقع على الشيعة مِن قِبَلِ السلطة الحاكمة في بغداد بزعامة الدويدار والشرابي والمماليك الأتراك!!! فلم يصدر مِن الأنظمة العربيّة مِن نهب مدنكم، ولا هتك نسائكم، ولا ركبوا مِن نسائكم الفواحش كما فعل الدويدار وجنده في الشيعة في بغداد !!! فهل تبرِّرون لأنفسكم الاستعانة بأميركا ودول الغرب الصليبي وتستنكرون ذلك كُلِّيًا على ابن العلقمي على فرض التنزل بأنَّه استعان بالمغول وكان السببَ في سقوط بغداد وخلافتها حسب أكذوبات وخزعبلات وخرافات وتدليسات ابن تيمية وأمثاله؟!!...}}. فإن كان فعل ابن العلقمي مرفوضاً ويستلزم التكفير لأنه استعان بالكافر ففعلكم الآن أيضاً يستلزم تكفيركم لأنه مخالفاً لما تعتقدن به وإن كان حكم الإستعانة بالكافر مباح فلماذا تكفرون الشيعة وابن العلقمي ؟.