مجتبى شُبر
تأريخ فضيع وسيرة مخزية وقصص وأساطير من أجمل روايات الخيال
التي يسطرها لنا ابن الأثير في كتابه الكامل في التأريخ ، ورغم التشعب في القصص والسرد لكن من له نظرة ثاقبة يلاحظ العجز في كيفية تلميع صورة من أراد ابن الأثير تلميعها .
حيث يذكر الكثير من الأحداث التي تظهر الأيوبيين على حقيقتهم فهم
كانوا (أبناء دنيا) يعبدون المال ويرسلون الجيوش إلى البلاد لجمعه، وما فعله توران شاه ( أخ صلاح الدين ) في الصعيد بمصر واليمن يشبه ما تفعله الدواعش الآن، حيث ينزل الدواعش على البلد إذا رأوا فيه خيراً احتلوه ومكثوا فيه، وإذا رأوا ما رآه توراه شاه من الفقر والحاجة وقشف العيش في الصعيد-مثلا- تركوها، ولكن ليس بأيديهم فارغة بل بجواري وعبيد واسترقاق محرم شرعاً، فهم كانوا طلاب دنيا لا دين، ولاحظ ما يفعله الدواعش الآن حيث تقع أعينهم أول ما تقع على حقول البترول ليبيعوه ويربحوا وينفقوا به على حملاتهم العدوانية..
تاركين الناس في جوع وحرمان وفقر فيقتلون البعض ويستعبدون الآخر ويسبون النساء ويستغلون الأطفال لأغراضهم الإجرامية .
فالفكر واحد قد أورثوه من الكتب التي خطتها أيدي أئمتهم بنفس الوقت هم يسعون إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين فرغم السرقات والنهب والفساد الذي يفتعلوه يكفروا المقابل الذي وقع عليه كل الويلات من جراء إجرامهم ونهبهم للبلاد . وبنفس الوقت لاحظ التدليس والخداع والمكر في تشويه صورة المسلمين العرب واظهارهم بمظهر الأشد من الكفار حيث يذكر المرجع الصرخي الحسني في أحد موارد محاضرته (32) من بحث (وقفات مع.... توحيد التيمية الجسمي الأسطوري)
فَلَمَّا عَبَرَ الْفِرِنْجُ إِلَى أَرْضِ دِمْيَاطَ اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهَا، وَنَهَبُوا الْبِلَادَ الْمُجَاوِرَةَ لِدِمْيَاطَ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، وَأَفْسَدُوا، وَبَالَغُوا فِي الْإِفْسَادِ، فَكَانُوا أَشَدَِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفِرِنْجِ،(( هذا كما يقولون: الشيعة أو الرافضة أشد على المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين وهولاكو... الصوفية أشد على المسلمين من اليهود والنصارى والملحدين.. هذه دعاوى التيميّة حاضرة دائمًا )) [[أقول: هذا، أـ بسبب فساد الحكّام وسرقتهم أقوات الناس واشغالهم وزجّهم بحروب عبثيّة وصراعات ماليّة وسلطويّة، فكثُر القتل وشاعَ الفقر والحرمان، إضافة إلى انشغال السلاطين ووعّاظهم علماء السوء وفقهاء الضلالة بمصالحهم ومكاسبهم الخاصّة وعدم تربية المجتمع وتحصينه فكريًّا وأخلاقيًّا بجهاد النفس الجهاد الأكبر!!! ب ـ فكانت النتيجة أنّ هؤلاء الناس الفقراء المحرومين المظلومين المقهورين ينتهزون أدنى فرصة للثورة والانتفاضة ضد الحكّام الظالمين مِن دون النظر إلى ما يحيط بهم ولا إلى نتائج ما يترتَّب على عملِهم، خاصّة وأنّ السلطان نفسه قد هرب وترك البلاد والعباد يواجهون مصيرهم بأنفسهم مجردين مِن كلّ وسائل القوة والحماية والدفاع!!! جـ ـ وهنا سؤال للمنهج الداعشيّ الدكتاتوريّ الفكريّ الاقصائيّ، لماذا تلومون الناس العزّل المحرومين المساكين الفقراء المظلومين عندما يأخذون ما يأخذون مِن أموال وممتلكات، وهي على كلّ حال خارجة عن أيدي المسلمين وذاهبة إلى الفِرنج خاصّة أنّ اجتماع العرَب كان بعد عبور الفرنج إلى أرض دمياط، قال: {فَلَمَّا عَبَرَ الْفِرِنْجُ إِلَى أَرْضِ دِمْيَاطَ اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهَا}، بينما لا تلومون ولا تتفوّهون ولَمْ تَنْبِسوا بِبِنْتِ شَفَةٍ عندما يقوم السلطان صاحب العساكر والأموال بتهديم وجرف القلاع والمدن الإسلاميّة وغيرها ومحو أثرها كليًّا بتبرير كي لا تقع بأيدي الفرنج؟!! فلماذا لا يُقال نفسُ الكلام عمّا يفعله الناس البسطاء الفقراء المظلومون؟!! دـ قال: {اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهَا}، وهذا دليل واضح جلّي يكشف قطعًا أنّ الشعب المصريّ العربيّ بكلّ قبائله العربيّة مجتمعة كانت ترفض الحكم الأيوبيّ وترفض حكم الملك العادل الأيوبيّ، وهذه الحقيقة التأريخيّة تفنّد وتكذّب كلّ ادّعاء بخلافها!!! هـ ـ إلى العرب، إلى القوميين العرب جدًّا جدًّا، أقول: اقرؤوا وعوا، ابن الأثير الذي يقولون إنّه عربي، لنرى كيف يتحدَّث هذا العربي ويصنِّف الأمور؟!! ومِن حديثه وتصنيفه لكم أن تَقيسوا ما يتحدَّث ويصنِّف ويتصرَّف غيره مِن غير العرب!!! وسنرى العالِم المؤرخَ ابن الأثير كيف صنّف المجتمع المِصريّ في زمن العادل والحكم المملوكيّ الأيوبيّ؟!! إنّه صنَّف المجتمع إلى صنفين: الأوّل هم العرب مجتمعة بكلّ قبائلهم، والثاني غير العرب وهم المماليك ومماليك المماليك ومماليك مماليك المماليك وكلّهم مِن الأعاجم الترك وغيرهم، فقال {اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهَا، وَنَهَبُوا الْبِلَادَ الْمُجَاوِرَةَ لِدِمْيَاطَ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، وَأَفْسَدُوا، وَبَالَغُوا فِي الْإِفْسَادِ}. وـ ثم يخطو خُطوة أعمق، بل أدقّ في التصنيف والتشخيص، فيعتبر هؤلاء العرب بمجموعهم غير مسلمين، (( كما يعتبر ابن تيميّة الشيعة غير مسلمين الرافضة غير مسلمين الاسماعيلية غير بمسلمين الزيدية غير مسلمين الصوفيّة والجهمية والمعتزلة والأشاعرة ليسوا بمسلمين )) بينما خصَّص الإسلام والمسلمين بغير العرب مِن المماليك!!! فقد تحدَّث عن وجود فرنج ووجود العرب مجتمعة بكلّ قبائلها ووجود المسلمين، فذكر أنّ العرب مجتمعة كانوا أشد على المسلمين مِن الفرنج!!! حيث قال {اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهَا، وَنَهَبُوا الْبِلَادَ الْمُجَاوِرَةَ لِدِمْيَاطَ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، وَأَفْسَدُوا، وَبَالَغُوا فِي الْإِفْسَادِ، فَكَانُوا (أي: العرب مجتمِعة بكلّ قبائلهم) أَشَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفِرِنْجِ}!!! وهذا كلام واضح جدًّا في أنّ العرب مجتمعة ليسوا بمسلمين!!! زـ وهذا ما نعيشه الآن واقعًا حيث أنّ ما يسمى داعش مِن المارقة يتعاملون واقعًا مع العرب مجتمعين على أنّهم ليسوا بمسلمين، فيُطلقون عليهم عناوين تخرّجهم عن الإسلام، مثل المرتدِّين والقبوريّة والصوفيّة والكهنة والمشعوذين والجهميّة، فضلًا عن الرافضة والشيعة!!! فيستحلِّون دماء الجميع الأطفال والنساء والشيوخ والرجال، في الحافلات والقطارات والسفن والطائرات، في الأسواق والمدارس، في البيوت والشوارع وأماكن العمل، في المساجد والحسينيات والتكايا، في مناسبات دينيّة واجتماعيّة، في الأعراس وفي مجالس العزاء، مِن الشيعة والسنة، في بلدان شيعيّة أو سنيّة، وفي كلّ زمان ومكان، وعلى كلّ حال!!! ح ـ فيا ترى هل تأثَّر ابن الأثير ببعض أفكار المارقة المعاصرين له، فأظْهَرَ ما عنده في الكلام، أو أنّه غير عربي، فتعصَّب لقوميَّته الأعجميّة؟!! أو أنّه تعصبٌ مذهبيٌّ يرجِع إلى تقليده لبعض أئمّة الشوافع المكفِّرين لباقي المذاهب، فيكون التكفير بلحاظ اتّباع مذهب مالك الذي كان له شياع في المجتمع المصريّ في ذلك الزمان قبل أن يفرض الأيّوبيّون المذهب الشافعيّ بأساليب الترغيب