بالرغم أن الملك فريدريك كان يوصف بأنه عاق للمسيحية وقليل الحماسة للقيام بحملات لاستعادة القدس كما هو شأن غيره من ملوك أوربا, إلا أن هذا العرض أغراه للظهور بمظهر المسيحي البطل, والتخلص من صفة العقوق التي ألصقتها به الكنيسة وقتها, ورغم أن الحملة لم يتجاوز عدد جنودها 6000 مقاتل فحسب, ورغم وصول هذا الملك إلى ميناء عكا جاء متأخرا جدا, حيث كان قد مضى على وفاة المعظم عيسى سنة كاملة, ولم يعد هناك أي خطر يهدد الملك الكامل بن العادل الايوبي , وبالتالي زال سبب تسليم القدس للفرنجة, ناهيك عن النقمة التي ألمت بالإمبراطور فريدريك من قبل البابا, الذي أصدر قرارا بالحرمان البابوي ضده, وأن إمبراطوريته أصبحت تحت وصاية البابا, الأمر الذي يلح على فريدريك بالعودة إلى إمبراطوريته, إلا أنه لم ييأس من إمكانية الحصول على القدس من الكامل. وفي أغرب وأعجب حادثة تسليم لمدينة مقدسة وعزيزة على المسلمين, والتي لم ترجع إلى سلطان المسلمين إلا من عقود من السنين فقط, بعد جهود مضنية ودماء عزيزة وكثيرة , يأتي تسليم القدس للفرنجة. لقد راسل فريدريك الكامل وأكثر من مراسلاته, ومع كثرة الهدايا واللجوء إلى لغة الاستعطاف والتذلل, والتي وصلت إلى حد البكاء أمام رسول الكامل كما ذكر, والتذرع بالحرج الشديد وانكسار الهيبة والجاه أمام ملوك أوربا والبابا, والتأكيد على عدم الطمع بالمقدسات الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى, بدأ الكامل يصغي إلى مطلب الإمبراطور, ويميل لقبول تسليم القدس دون قتال, وبالفعل فقد سلمت المدينة في 22 ربيع الأول من عام 626 هجري, الموافق 18 فبراير 1229 م تحت مسمى اتفاقية يافا, والتي أثارت موجة سخط وغضب وأسى عارم في البلاد الإسلامية. هذا جزء مما كشفه المحقق الكبير السيد الصرخي في بحثه وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ، والذي ناقش به تسليم القدس الشريفة الى الفرنجة من قبل الملك الأيوبي الكامل بن العادل ( ابن أخ صلاح الدين الأيوبي ) وقال سماحته : المورد2: خيانة عظمى وجريمة كبرى!!! بل مِن أكبر الجرائم والخيانات يرتكبها أبناء الملك العادل!!! وقد قُطِعَ لسان ابن تيمية هنا وبلَعه حتى مِن دون أن يشرب الماء بعده!!! فلم يصدر منه أيَّ خزعبلة مِن خزعبلاته التدليسيّة الافترائيّة الكاذبة الفاحشة في تعليق فشلِه وهزيمته وخيانته وانحرافه وضلالته على الآخرين كعناوين ابن سبأ وسبئية وابن علقمي وعلقميّة ومجوس وشيعة وروافض!!! لنرَ ماذا حصل في سنة (626هـ): الكامل10/(434): [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ (626هـ)]: [ذِكْرُ تَسْلِيمِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ إِلَى الْفِرِنْجِ]: قال(ابن الأثير): {{ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوَّلَ رَبِيعٍ الْآخِرِ، تَسَلَّمَ الْفِرِنْجُ -لَعَنَهُمُ اللَّهُ- الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ صُلْحًا، وَسَبَبُ ذَلِكَ: 1ـ مَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ (625هـ) مِنْ خُرُوجِ الْأَنْبرورِ، مَلِكِ الْفِرِنْجِ فِي الْبَحْرِ مِنْ دَاخِلِ بِلَادِ الْفِرِنْجِ إِلَى سَاحِلِ الشَّامِ، وَكَانَتْ عَسَاكِرُهُ قَدْ سَبَقَتْهُ، وَنَزَلُوا بِالسَّاحِلِ، وَأَفْسَدُوا فِيمَا يُجَاوِرُهُمْ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ. 2ـ وَمَضَى إِلَيْهِمْ (إلى الفِرِنج)،وَهُمْ بِمَدِينَةِ صُورٍ، طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْكُنُونَ الْجِبَالَ الْمُجَاوِرَةَ لِمَدِينَةِ صُورٍ وَأَطَاعُوهُمْ، وَصَارُوا مَعَهُمْ (مع الفِرِنج). 3ـ وَقَوِيَ طَمَعُ الْفِرِنْجِ بِمَوْتِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ عِيسَى ابْنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، صَاحِبِ دِمَشْقَ. 4ـ وَلَمَّا وَصَلَ الْأَنْبرورِ إِلَى السَّاحِلِ، نَزَلَ بِمَدِينَةَ عَكَّا. 5ـ وَكَانَ الْمَلِكُ الْكَامِلُ ابْنُ الْمَلِكِ الْعَادِلِ صَاحِبُ مِصْرَ، قَدْ خَرَجَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يُرِيدُ الشَّامَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهِ الْمُعَظَّمِ، وَهُوَ نَازِلٌ بِتَلِّ الْعُجُولِ، يُرِيدُ أَنْ يَمْلِكَ دِمَشْقَ مِنَ النَّاصِرِ دَاوُدَ ابْنِ أَخِيهِ الْمُعَظَّمِ، وَهُوَ صَاحِبُهَا يَوْمَئِذٍ. ((لاحظ: الفرنج ينزلون على الساحل ويحتلون المدن، وأبناء الملك العادل والعادل جدًا يتصارعون فيما بينهم على الملك، الأخ مع أخيه والأخ مع ابن أخيه، وابن الأخ مع العمّ)). مقتبس من المحاضر {35} من #بحث : " وقفات مع.... #توحيد_التيمية_الجسمي_الأسطوري"#بحوث : تحليل موضوعي في #العقائد و #التاريخ_الإسلامي للسيد #الصرخي الحسني والتي ألقاها مساءالثلاثاء/ 20 رجب/ 1438هـ - 18/ 4/ 2017م