استهداف القوافل الإنسانية ومكاتبها في الدول والمناطق التي تشهد كثرة النازحين والمهجرين هو مشهد مألوف من ضمن مسلسل الإجرام الداعشي الإرهابي, وما تلك العمليات إلا دليل على مستوى التخلف الفكري والعقائدي والديني والإنساني عند كل من يقوم بها بغض النظر عن أي عنوان ديني أو سياسي أو أي عنوان آخر يحمله مرتكب تلك الجرائم الإنسانية ولا يوجد أي مسوغ أو مبرر شرعي أو قانوني أو عقلي يحث أو يدفع لإركابها لأنه ينافي كل القيم والأعراف السماوية والوضعية .
ومع كل تلك الموانع الشرعية والقانونية والعقلية والإنسانية يقدم عناصر تنظيم داعش الإرهابي على ممارسة تلك الجرائم دون أي رادع وسبب ذلك هو وجود من شرعن لهم تلك الجرائم من أئمتهم وشيوخهم وسلاطينهم وحكامهم ومنظريهم وكتابهم أصحاب المنهج التكفيري المتطرف الدموي, وخير شاهد على ذلك ما ذكره ابن الأثير في كتابه البداية والنهاية ج 13 ص 83 والذي بين فيه سبب ظهور التتار في العالم الإسلامي, حيث قال ((وَسَبَبُ دُخُولِهِمْ نَهْرَ جَيْحُونَ أَنَّ جِنْكِزْخَانَ بَعَثَ تُجَّارًا لَهُ وَمَعَهُمْ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ إلى بلاد خُوارَزْم شاه يبتضعون له ثِيَابًا لِلْكُسْوَةِ، فَكَتَبَ نَائِبُهَا إِلَى خُوَارَزْمَ شَاهْ يَذْكُرُ لَهُ مَا مَعَهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْوَالِ، فأرسل إليه بأن يقتلهم ويأخذ ما معهم، ففعل ذلك ))!!!...
هذا ماقام به خوارزم شاه وهو أحد ملوك وسلاطين وحكام الدولة العادلة المقدسة عند الخط التيمي التكفيري يقومون بقتل التجار وسفك دمائهم ونهب أموالهم !! فعندما يطلع العنصر الداعشي على هذه المعلومة وعنده خوارزم شاه أحد الحكام المقدسين وكل فعل يقوم به هو مصدر تشريع لهم فهل يمتنع هذا العنصر من ارتكاب جريمة الاعتداء على المنظمات الإنسانية التي تساعد الناس المساكين الذين لا ناقة لهم ولا جمل سوى إنهم مهجرين ونازحين وهاربين من الموت !!...
فما أشبه فعل الأمس بأفعال الدواعش اليوم كما أوضح ذلك المرجع الأستاذ الصرخي بقوله ((لاحظ الآن يأتي بعض الصحفيين أو بعض الأخصائيين أو بعض الأشخاص في منظمات الإغاثة الإنسانية بعد أن انقطعت السبل بالمهجرين والمهاجرين والنازحين والمظلومين المسلمين من السنة والشيعة، يأتي الصليبي أو المغولي أو الإلحادي أو الوثني أو اليهودي يقدم المساعدة لهؤلاء المساكين، حركه ضميره، حركه دينه الذي يعتقد به، حركته المهنة التي هو يعمل بها، فجاء هذا الإنسان لتقديم المساعدة، فماذا يُفعل به؟ يُختطف ويُقتل، فهل توجد جريمة أقبح من هذه الجريمة؟ لاحظ هذه الجريمة لها أصل وتأصيل وأصول لها تشريع ومشرعنة من أئمة التيمية من ابن تيمية وأئمة المارقة، كل الحلول فاشلة، يقطع قرن وتخرج قرون عليكم، يخرجون لكم من بيوتكم ومن تحت بيوتكم، إذا لم تستأصل هذه الغدة فكريًا وعقائديًا ومن أساسها ومن أصولها وجذورها تستأصل، لا تتم أي معالجة عسكرية إذا لم تدعم وتقرن بالمعالجة الفكرية العقدية، التفت جيدًا، تجار أتوا إلى بلاد مسلمين .. الله أكبر!! لكن الغدر والسرقة وحب المال والجريمة والإرهاب مترسخ معشعش مستحكم فيهم وفي عقولهم وفي أنفسهم، وفي سلوكهم ))...
فهل توجد جريمة أقبح وأبشع من تلك الجرائم التي يقوم بها عناصر داعش الإرهابي وأئمتهم الذين شرعوا لهم تلك الجرائم ؟ فهل يقتلون كل شيء ويعتدون على كل شيء حتى ولو كان يصب في صالح الإنسانية وبصورة لا يقرها أي دين أو عرف أو شرع أو قانون سوى القانون التكفيري الإرهابي التيمي الدموي.
بقلم :: احمــد المــلا