اللوم هو عمل من أعمال الانتقاد وتحميل الآخرين المسؤولية وإصدار بيانات سلبية حول فرد أو مجموعة تكون تصرفاتهم غير مسؤولة اجتماعياَ أو أخلاقياَ، فعندما يكون شخص ما مسؤولاً أخلاقياً عن فعل شيء ما خطأ فإن هذا الفعل يستحق اللوم, وغالباً ما نجد إن اللوم يتوجه إلى أشخاص ومجموعات غير مسؤولة عن حدوث الخطأ بحيث يكونون فقط مجرد شماعة تعلق عليهم أخطاء غيرهم وهو شكل من أشكال التهرب من تحمل مسؤولية وقوع الخطأ فالعديد من الأشخاص والتجمعات تلقي باللوم على غيرها وتحملها مسؤولية أمر معين من أجل الهروب من تحمل مسؤولية ذلك الأمر أو الحدث.
وهذا الأمر نجده يأخذ حيزاً كبيراً في المجتمعات الإسلامية وبالتحديد بين الفرق والمذاهب الإسلامية, فعندما يعصف أمر معين بالأمة الإسلامية نجد إن هذه الفرقة أو الفئة أو الطائفة تلقي اللوم على غيرها من الفرق وتحملها مسؤولية ذلك الحدث وتجعل من عنوان الطائفية شماعة تعلق عليها ذلك الأمر, وخير مثال على ذلك ومن أجل توضيح الصورة نتحدث عن مسألة سقوط بغداد بيد المغول, فما روج له أتباع المنهج التيمي إن سبب سقوط بغداد كان هو وزير الخليفة " ابن العلقمي " وسبب ذلك كما يروجون لأنه كان شيعياً!! لكن حقيقة الأمر هي خلاف ما روج له التيمية حيث إن سبب سقوط بغداد كانت له عوامل عديدة منها ما قام به خوارزم شاه من قتل لتجار التتر واستباحة قراهم وقتل ما فيها من نساء وأطفال وسرقة أموالهم وكذلك انشغال الخليفة بملذات الدنيا وتقليصه لأعداد الجيوش الإسلامية وعدم تقديم الدعم للمناطق الإسلامية التي تعرضت للغزو المغولي قبل سقوط بغداد بسنوات عديدة.
وهذا ليس تجنياً بل تلك الأمور موجودة في كتب التيمية أنفسهم ومنها كتاب ابن الأثير "الكامل في التاريخ " وهنا نذكر إحدى الموارد من هذا الكتاب مع تعليقات المحقق الأستاذ الصرخي عليها ...
ففي الكامل الجزء10/(260- 452): يقول ابن الأثير: 1..2..39- قال ابن الأثير، ج10/451: {{[ذِكْرُ طَاعَةِ أَهْلِ أَذْرَبِيجَانَ لِلتَّتَرِ]: أـ وَلَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى كِتَابٍ وَصَلَ مِنْ تَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ فِي الْعَامِ الْمَاضِي، قَبْلَ خُرُوجِ التَّتَرِ. ب ـ فَلَمَّا وَصَلَ التَّتَرُ إِلَى الرَّيِّ وَأَطَاعَهُمْ أَهْلُهَا، وَسَارُوا إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، سَارَ هُوَ مَعَهُمْ إِلَى تِبْرِيزَ. جـ ـ فَكَتَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ بِالْمَوْصِلِ يَقُولُ: إِنَّ الْكَافِرَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - مَا نَقْدِرُ أَنْ نَصِفَهُ، وَلَا نَذْكُرَ جُمُوعَهُ حَتَّى لَا تَنْقَطِعَ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْأَمْرَ عَظِيمٌ. د ـ وَلَا تَظُنُّوا أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَى نَصِيبِينَ وَالْخَابُورِ، وَالطَّائِفَةَ الْأُخْرَى الَّتِي وَصَلَتْ إِلَى إِرْبِلَ وَدَقُوقَا، كَانَ قَصْدُهُمُ النَّهْبَ، إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا هَلْ فِي الْبِلَادِ مَنْ يَرُدُّهُمْ أَو لَا؟ [[التفتْ: وكأنما هذه السرايا التي اجتاحتِ البلدان بمثابة سرايا الاكتشاف كما يبيّن هذا التاجر بأنّها عبارة عن جس نبض، ويقولون: التتار لا يعلمون ماذا في بغداد وأرسل إليهم ابن العلقمي المعلومات وبناءً على تلك المعلومات تحرّكوا!!! خرافة تيمية بامتياز!!!]] هـ ـ فَلَمَّا عَادُوا، أَخْبَرُوا مَلِكَهُمْ بِخُلُوِّ الْبِلَادِ مِنْ مَانِعٍ وَمُدَافِعٍ، وَأَنَّ الْبِلَادَ خَالِيَةٌ مِنْ مَلِكٍ وَعَسَاكِرَ، [[تعليق: في سنة (628هـ) تيقّن التتار أنّ البلاد خالية مِن ملك وعساكر!!! أي أنّ خليفةَ بغداد وكلَّ سلاطين دُوَل الإسلام وعساكرَهم لا اعتبار لهم عند التتر ولا يمثّلون أي قوة تُذكر، إلى المستوى الذي يعتبرون فيه البلاد خالية مِن أيِّ ملك وأيِّ عساكر!!! وهذا في سنة (628هـ)، فكيف إذن الحال في سنة (656هـ)؟!! وكيف نتصوّر إذن وجود عاقل يقول أو يحتمل أنّ ابن العلقمي سببُ مجيء المغول وسقوط بغداد وخلافتها؟!! استفهام للعقول والإنسان وليس للحجارة والبهائم!!!]] و ـ فَقَوِيَ طَمَعُهُمْ، وَهُمْ فِي الرَّبِيعِ يَقْصِدُونَكُمْ. ز ـ وَمَا يَبْقَى عِنْدَكُمْ مُقَامٌ، إِلَّا إِنْ كَانَ فِي بَلَدِ الْغَرْبِ، فَإِنَّ عَزْمَهُمْ عَلَى قَصْدِ الْبِلَادِ جَمِيعِهَا، [[يعني بغداد غير مستثناة يا أغبياء يا مدلِّسة يا داعشة الفكر والأخلاق!!!]] ح ـ فَانْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ. هَذَا مَضْمُونُ الْكِتَابِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِا الْعَظِيمِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ}} ...
ومن تلك الأمثلة يتضح لنا كيف إن التيمية جعلوا من الطائفية شماعة يعلقون عليها سبب سقوط بغداد على يد المغول في محاولة منهم للتهرب من تحمل مسؤولية ذلك السقوط والإحتلال وما نتج عنه من قبائح وفي الوقت ذاته يجلعون المقابل دائما في خانة الغدر والخيانة والتكفير حتى يمرر مشروع التيمية الطائفي التكفيري الدموي.
بقلم :: احمد الملا