تنهض الأمم بعلمائها وشبابها الواعي المثقف ، ذلك بأنَّ العالم إذا وجد من يستمع إلى علمه من الشباب الواعي فإنَّه سوف ينهض بالواقع العلمي لهذه الأمة، وبالمقابل أنهما سوية يحتاجان إلى رعاية ممن يدير دفة الحكم في هذه الأمة ، وهنا يصبح لدى هذه الأمة حصانة فكرية عامة تتبع الدليل العلمي وتبتعد عن الشعوذات والتكهنات ومن تلبس بلباس الدين المزيف المؤدلج . أما إذا حاربت الأمة العلماء وأهملت شبابها الواعد ، فإنَّ التخلف والجهل والتعصب والقتل والإرهاب هي السمة المسيطرة على مستقبلها، وعندها يرفع العلم ويحل الجهل في ربوعها، وتكون مصداقا للحديث الشريف الذي يخبرنا أنَّ (( من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل)) ،وفي حديث آخر((إنَّ بين يدي الساعة لأيَّاما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج )).
والأمة الجاهلة تراها عاجزة عن الوقوف ضد أبسط معضلة ، والحقوق فيها ضائعة ،والدماء رخيصة والأفكار الضالة التكفيرية منتشرة فيها ،وبالتالي يُعبَّد الطريق أمام السلطة الجاهلة لفرض أفكارها لتوجد الوسط الملائم الذي يجعل الناس يرون المنكر معروفا ،والمعروف منكرا وإليكم ما يؤيد ذلك.
ففي حديث الرسول محمد (صلى الله علية وآله وسلم) قال:(( كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر. فقيل له: ويكون ذاك يا رسول الله؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : نعم. فقال: كيف بكم أذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف. فقيل له: يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويكون ذلك؟ فقال ( صلى الله عليه واله ) : نعم. وشر من ذلك. كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا)).
ومن المسائل التي تنتج من الجهل سيطرة من ليس له علم على مقدرات الشعوب، واستتباب الأمر للأعاجم على البلد وإبعاد أهله وبدون معارضة وإن حصلت ،فهي ميتة لكثرة ،واستبعاد الوطنيين من مكانتهم التي يستحقونها في بلدهم
.ونقتبس لكم حادثة من التأريخ نوردها للعبرة والدرس .حيث ذكر الذهبي: تأريخ الإسلام 48/ (33): [سنة ست وخمسين وستمائة(655هـ)]: [كائنة بغداد ]:قال الذهبي:((
كان هولاكو قد قصد الأَلَمُوت، وهو معقل الباطنيّة الأعظم وبها المقدّم علاء الدين مُحَمَّد بن جلال الدين حَسَن المنتسب إلى نزار ابن المستنصر بن الظّاهر بن الحاكم العُبَيْدي الباطنيّ، فتُوُفي علاءُ الدين وقام بعده ابنُه شمسُ الشُموس، فنزل إلى هولاكو بإشارة النّصير الطُوسي عليه، وكان النّصير عنده وعند أَبِيهِ من قبل، فقتل هولاكو شمس الشّموس وأخذ بلاده وأخذ الروم(أخذ بلاده أي بلاد الإسماعيلية وأخذ بلاد الروم ما جانب الإسماعيلية ما يدخل الآن في حدود أو ضمن عنوان تركيا)، وأبقى بها ركن الدين ابن غياث الدين كيْخُسْرو صورة بلا معنى، والحُكْم والتصرّف لغيره))
ففي هذا المقام نذكر لكم تعليق الأستاذ المحقق حول ذلك حيث قال ((:تعليق
: أـ ركن الدين تعاون مع هولاكو وعمِل تحت إمرته وضمن قادته وجنده وشارك معه في حروبه، ولما دخل بلاده وأخذها أبقاه ملكا عليها!! وعند المنهج التدليسي المارق لا يُعتبر موقف ركن الدين خيانةً ولا عمالةً وليس تآمرا على الإسلام والمسلمين ودولة خلافتهم في بغداد!! لماذا؟! لأنه سلجوقي تركي أعجمي غير عربي!! بينما مواقف ابن العلقمي العربي ومواقف الحاكم الإسماعيلي العربي اليمني الذي أُبيد وأصحابه على يد المغول، فكلها تآمر وخيانة وعمالة!! ولا غرابة في موقف التيمية الذي يرى الأرض مسطحة وأن الشمس تدور حول الأرض ويكفر ويقتل من ينكر ذلك، لكن أقول سبحان الله الذي جعل العروبيين يرَوْن الأعاجم عربا ويرون العرب أعاجم فيحاربون هؤلاء ويَفْتَرونَ عليهم ويمزّقونهم كلَّ ممزق بينما يمجّدون أولئك الأعاجم ويزوّقون لهم كلَّ باطل ويلبسونهم لباس العروبة والقيادة والزعامة!! فاعدلوا بينهما!!((يا من تدعون العروبة)) انتهى تعليق الأستاذ المحقق .
الأمة المكبلة بالجهال الأعاجم وفاقدي العقول والسذج كيف تتحرر وترتقي وتصبح حرة وأناسها أحرار أقوياء؟؟ الجواب على ذلك: إنَّ الأمة لابد لهامن وجود علماء رساليين أعلام شجعان، ولكنهم بالمقابل يحتاجون إلى شعب حر يساندهم .حيث لا مكان للذلة والخنوع.
المصدر :
https://f.top4top.net/p_494m13vx1.png