المحقق الصرخي ..متى يرجع الناس الى مــاكنوا عليه ؟
يأخذ التكاتف المجتمعي أشكالاً مختلفة في عالمنا الانساني ؛ فهو متجذر من شخصية الأنسان ؛ ولاشك أنه يزداد قوة وصلابة كلما كان المجتمع أكثر أيماناً بأخلاقية الاسلام ؛ التكافل والتكاتف بين الناس يقيم جسوراً من التواصل الإنساني بين فئاته كافة، وهو في حد ذاته ثقافة تترسخ في النفوس " وهذا لان المجتمع الإسلامي خاصة قديماً كان قائماً على التكافل بكل أشكاله وهو ما تناقلته الأجيال وأصبح جزءاً أصيلاً من العادات والتقاليد العريقة ؛ وعليه فأن رغبة الإنسان في تقديم العون لأخيه الإنسان في الملمات يزيد المساحة الإنسانية، ويجعل للتكافل بعداً أجتماعياً، ويساهم في توطيد العلاقات، ويجعل أبناء المجتمع أسرة واحدة تشترك في الهموم وتعمل بإخلاص على حل المشكلات.
يمكننا القول أن التكافل بطابعه القيمي يعبر عن الأصالة الدينية، فهو يحفز أفراد المجتمع القادرين على إيجاد نوع من التكافل بينهم، ويخلق حالة إنسانية معبرة، ولهذا نجد الكثير من الناس البسطاء يعيشون هذه الأجواء الطيبة على خلاف من يتزعم ويترأس المناصب والجاه والسلطة ولاينظر لحال أمته فأمثال هؤلاء من زرع روح الشتات بين ابناء ألامم حتى أصبح الآنسان لايقدر أن يلتفت لأخيه الآنسان ؛ الكل يبحث عن جيبه وعن حاله ؛ السياسات المتمردة جعلت الشعوب متناحرة متكالبة فيما بينها لاتنظر لحالها كيف تغيرت ملامح حياتها التي كانت متنعمة رغم القليل التي تمتلكه والدليل على قولنا ما كان يعيشه الناس في زمن الخليفة عمر من القوة اذ كان الولاة يخافون ابن الخطاب ويهابونه ويحذرون منه، فكان يحاسبهم ويستمع للشكاوى، على عكس الخليفة الثالث نسبة الى ما قاله الطبري في ج5، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة وعند ابن الأثير والعقد الفريد لابن عبد ربه ومروج الذهب للمسعودي، إذن الخليفة الثالث عثمان يقول لهم: أنتم كنتم تخافون من الخليفة الثاني، فلم تصدر منكم أي شكوى، ويقسم على أنّه أكثر من ابن الخطاب عددًا، بمعنى عندي العشيرة والقوة والعائلة والبعد الاجتماعي، وعندي المال والواجهة والدهاة))
إلى أن قال لهم: أتفْقِدون من حقوقكم شيئًا؟
وعلى هذا الامر يعلق المحقق الصرخي الحسني في بحثه وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الاسطوري في المحاضرة 20 منبهاً الى ان هذا النهج في التعامل وعدم الاهتمام بأمور الاخرين صار واقع حال , لا يوجد تكافل، لا يوجد اهتمام لأمور المسلمين، لا توجد رحمة لا يوجد تآخي، لا توجد أخلاق، كل إنسان يبحث عن شهوته وعن راحته وأيضًا عن بهيميته ...هذه السياسة الآن، كل إنسان يقول: ليس علاقة بالآخرين، أنا يصل لي الراتب أو المساعدة أو الرشوة أو المنفعة أو الواجهة أو السمعة أو المنزلة أو أنا مرتاح لا توجد عندي مشكلة ولم أتعرض لشيء حتى لو احترق الآخرون، في باقي البلاد وباقي المحافظات والمدن والقرى والبيوتات، المهم أنا مرتاح وبخير فليس لي علاقة بالآخرين، هذه هي السياسة، يصل لي حقي حتى لو قطعت كل الرقاب، حتى لو سحقت كل الناس، كل إنسان أو كما يقال: كل واحد يقول يا روحي، لا يوجد تكافل، لا يوجد اهتمام لأمور المسلمين، لا توجد رحمة لا يوجد تآخي، لا توجد أخلاق، كل إنسان يبحث عن شهوته وعن راحته وأيضًا عن بهيميته، وإلا لماذا يذهب الآن الناس البسطاء الأبناء الأعزاء المخلصون المؤمنون يذهبون إلى جبهات القتال ويقتلون ويذبحون هناك، وفقدنا الكثير من الأعزاء، ويأتي سفهاء الأحلام وأهل السفاهة والتفاهة والانحطاط والانحراف وسوء الأخلاق والبهيمية يحتفلون بهذه الأعياد الفاسدة الواردة على بلاد الإسلام وعلى بلاد الشرق وعلى بلاد العرب وعلى بلدان الأخلاق.
للأسف هكذا تحصل السرقات والفساد والاعتداء على الحرمات والأموال ؛ فمتى يرجع الناس الى ماكنوا عليه من الدين والإيمان والأخلاق ومن الرحمة والإنسانية.
http://cutt.us/wAriA ــــــ
هيام الكناني