بقلم :محمد الخطيب
لو تتبعنا القرآن الكريم ـ كمسلمين ـ لرأينا أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم ـ حيث كان هذا الأمر شائعاً بين الأُمم التي سبقت ظهور الإسلام ـ فيحدّثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتُشف أمرهم ـ بعد ثلاثمّائة وتسع سنين ـ بعد انتشار التوحيد وتغلّبه على الكفر.
ومع ذلك نرى انقسام الناس إلى قسمين: قسم يقول:﴿ ... ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ... ﴾ تخليداً لذكراهم ـ وهؤلاء هم الكافرون ـ بينما نرى المؤمنين ـ التي انتصرت إرادتهم فيما بعد ـ يدعون إلى بناء مسجد على الكهف، بجوار قبور أُولئك الذين رفضوا عبادة غير الله؛ كي يكون مركزاً لعبادة الله تعالى.
فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين؟! ولماذا ذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ؟! أليس ذلك دليلاً على الجواز، ﴿ ... قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ .
فهذا تقرير من القرآن الكريم على صحّة هذا الاقتراح ـ بناء المسجد ـ ومن الثابت أنّ تقرير القرآن حجّة شرعية.
وننقل ما قاله المحقق الكبير الصرخي الحسني عن هذا الأمر حيث قال ((
تهديم القبور استخفاف بالصحابة وأمهات المؤمنين
إذا انتفت الخصوصية للقبر ولصاحب القبر ، والإصرار على تهديم القبر ، وتكفير من يعتقد به ، أليس هذا هو استخفاف عملي وواقعي وقمة الاستخفاف بالصحابة ، وأكبر الصحابة ، وأجلّ الصحابة ، وكل الصحابة ؟ ، أليس هذا من الطعن والاستخفاف بأمهات المؤمنين ؟ ، إذا كان لايضرّ ولاينفع وليس فيه أي مردود ، إذن لماذا دُفن الخليفة الأول والخليفة الثاني بجوار النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ؟ ، لماذا سعيا وسعى الصحابة وسعت أمهات المؤمنين أن يُدفن الخليفة الأول والثاني عند حضرة النبي وقبر النبي وبجواره ؟ ، أليس هذا من التكريم والتشريف للخليفتين الأول والثاني ؟ ، أم ماذا تقولون ؟ هل هذا من اللهو ؟ .
مقتبس من المحاضرة الثانية والثلاثين ضمن سلسلة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي.