بقلم : د. جلال حسن الجنابيّ
دأب العقلاء من الناس علي مسيرة الاستخلاف لمن يكون بعدهم سواء في الأمور الدنيويَّة، أم في الأمور الدينيَّة ، وسواء في الأمور الخاصة ، أم في الأمور العامة كقيادة الأمة وتمثيلها الشرعيّ ، وكان خيرة من طبق هذه السنة الأنبياء ، إذ ساروا على استخلاف أوصياء لهم يستخلفونهم في قيادة الأمَّة من بعدهم ،وقد أوضحوا للناس ونصُّوا على موكِّليهم ،على أنَّ سيرة الاستخلاف تسير وفقا لتوجيهات السماء التي يلتزم بها الأنبياء في إخبار الناس ،وأن تكون سيرة الوصي واضحة جليَّة بالإخلاص ،وحسن السيرة التي يقترب بها من مستخلفه .
ولم ينفرد الرسول الأكرم محمد (ص) عن سيرة الأنبياء ، بل كان خير مطبِّق لسننهم ؛ لأنَّه خاتمهم الموعود بتطبيق ما لم يستطيعوا تطبيقه هم،وقد صرح النبي الأكرم (ص)باسم من يكون بعده ،أو من هو شاهد على إيمان الناس ونفاقهم بحسب موقفهم منه، ذلك هو علي بن أبي طالب ، الولي بآية الولاية ، المطهَّر بآية التطهير ، نفس رسول الله بآية المباهلة، مطعم المساكين والأيام والأسرى في سورة الإنسان ... ، يشهد الجميع بفضائله ؛كونَّه لم يسجد لصنم أبدا، وأنَّه بات على فراش النبي وفداه بنفسه وهو مطمئن ثابت لم يرجف له طرف، وهو من فتح خيبر، ونصر الله على يده المسلمين في معركة الخندق عندما قتل بطلهم عمر بن ود العامري ، وهو أعلم الناس وأقضاهم لقول رسول الله :((انا مدينة العلم وعلي بابها ))، وقال الخليفة الثاني بحقه :((لولا علي لهلك عمر )) ،وقول آخر ((لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن)) ... ،ولدرجة الإيمان والقرب الإلهيّ الذي وصله علي عليه السلام ؛أحبه الله كما أحب رسوله وأمر بحبه وبلَّغ رسوله بذلك عن طريق الوحي الأمين.
ومن نافلة القول أنَّ المحقق الأستاذ الصرخيّ أشار إلى المفاهيم السابقة ،وزاد عليها بحثا وتعليقا وتحليلا موضوعيَّا في أحد بحوثه إذ قال: ((الإمام علي (عليه السلام) من مصاديق الذين يكون حبّهم إيمانًا وبغضهم كفرًا، فقد أحبّه الله كما أحبّ اللهُ رسولَه الكريم (عليه وعلى آله الصلاة والتسليم)، وأمرَ اللهُ تعالى وعلى لسان رسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، بحبِّه، وجعلَ حبَّه علامةَ الإيمان وبغضَه علامة النفاق ، فصارَ قسيمًا بين الإيمان والنفاق ، فيكون قسيمًا بين الجنة والنار، فالمؤمن الصالح التقي المحبّ لعليّ (عليه السلام) يدخل الجنة ، والمنافق المبغض لعليّ يدخل النار وإنْ صام وإنْ صلى وإنْ حجّ وإنْ زكّى وإنْ جاهد وإنْ ضحّى!!! إنه أمرٌ وقانونٌ إلهيٌّ على لسان الذي لا ينطق عن الهوى النبي الصادق الأمين (عليه وعلى آله وصحبه الصلوات والتسليم )
مقتبس من المحاضرة {8} من بحث : "ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد "بحوث : تحليل موضوعيّ في العقائد و التاريخ الإسلامي للمرجع الأستاذ المحقق 8 ذي القعدة 1437هـ - 12 -8-2016م
http://www.up4.cc/imagef-1504945166533-jpg.html حبّ علي شائع في عقيدة المسلمين تأريخيًا
هناك الكثير من الشواهد في إثبات ما كان شائعًا وجزءًا من التأريخ والعقيدة والفكر والسيرة الإسلاميَّة الشرعيَّة المتشرعيَّة في أنه لا يحب عليًّا إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا منافق)).
https://a.top4top.net/p_6172nmxf1.jpg وزبدة هذا المخاض تفضي بنا إلى التساؤلات الآتية: لماذا لا يستند المسلمون إلى الواقعيَّة في هذا الطرح والدليل الذي لا يقبل الشك في منزلة الإمام علي ،وأنَّ اتِّباعه نجاة وبغضه هلاك؟!. وكيف لا يميِّزون باطل ونفاق وزيف ودجل من نسب الباطل إلى من أمر الله بحبه ؟!.أليس اتِّباع الله ورسوله أولى من اتِّباع ابن تيميَّة وتدليسه الذي يحاول جاهدا التشكيك في فضائل الإمام علي ونفيها عنه ونسبها الى غيره بغضا به ؟!. فأين العقول التي لا تقبل الجمع بين الباطل والحق وكون الاثنان على خير وفي الجنة؟! وأين العقول التي لا تقبل المساواة بين من سجد للصنم دهرا وبين من لم يسجد طرفة عين ؟!.اترك أجوبة التساؤلات للعقول النيرة ،وأنه ليس لنا مشكلة مع أي شخص سوى أنَّه النقاش العلميّ والدليل العلميّ هو الحاكم.