عندما يرفع أحدهم شعار الإسلام والدفاع عن المسلمين ودينهم يجب أن يكون لهذا الشعار تطبيقاً على أرض الواقع يتماشى معه ولو بدرجة بسيطة جداً, لكن ما نراه ونعيشه من جرائم إرهابية بشعة يرتكبها عناصر تنظيم داعش بحق الأبرياء من المسلمين يخالف كل الشعارات التي يرفعونها بالدفاع عن المسلمين والإسلام, حيث سلطوا سيف نقمتهم على رقاب المسلمين في كل مكان لهم تواجد فيه.
فهذه مجزرة ذي قار التي وقعت قبل يومين والتي راح ضحيتها العشرات من النساء والأطفال والشيوخ والتي تبناه تنظيم داعش الإرهابي, فكيف لمن يرفع شعار الإسلام والدفاع عن المسلمين أن يرتكب هكذا مجزرة بحق الأبرياء من المسلمين أنفسهم إن لم يكن هو خارج ملة الإسلام ويحمل أجندة خارجية لتفتيت عضد الإسلام والمسلمين ؟؟!! وهذا ليس وليد اللحظة بل له جذور تاريخية قديمة حيث فعل أئمة وقادة ورموز وسلاطين وخلفاء الدواعش كتلك المجازر بحق المسلمين بينما تركوا من هم أعداء الإسلام يصولون ويجولون ويعيثون في بلاد الإسلام الفساد والخراب.
حيث تركوا المغول وعلى مدى أربعين عاماً يخربون في بلاد الإسلام بينما قام سلاطين الدواعش وأئمتهم بقتل الأبرياء من المسلمين في بغداد, ففي الكامل في التاريخ الجز العاشر في الصفحة 307 يقول ابن الأثير (( ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَة 614هـ وَأَشْرَفَ الْإِسْلَامُ وَجَمِيعُ أَهْلِهِ وَبِلَادِهِ عَلَى خُطَّةِ خَسَفٍ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا: أَقْبَلَ التَّتَرُ مِنَ الْمَشْرِقِ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى نَوَاحِي الْعِرَاقِ وَأَذْرَبِيجَانَ وَأَرَّانَ وَغَيْرِهَا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى; وَأَقْبَلَ الْفِرِنْجُ مِنَ الْمَغْرِبِ فَمَلَكُوا مِثْلَ دِمْيَاطَ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، مَعَ عَدَمِ الْحُصُونِ الْمَانِعَةِ بِهَا مِنَ الْأَعْدَاءِ، وَأَشْرَفَ سَائِرُ الْبِلَادِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ عَلَى أَنْ تُمْلَكَ، وَخَافَهُمُ النَّاسُ كَافَّةً، وَصَارُوا يَتَوَقَّعُونَ الْبَلَاءَ صَبَاحًا وَمَسَاءً))...
وهنا نثير تساؤلاً أثاره المرجع الأستاذ الصرخي في إحدى المحاضرات العقائدية خلال بحثه الموسوم " وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري "حيث تسائل قائلاً :
((في سنة(614هـ) المغول وصلوا إلى نواحي العراق، فهل كانوا قد خرجوا للتنَزُّه والترفيه؟! وهل استمرت نُزهَتُهم عشرات السنين بحيث بَقِيَ خليفةُ بغداد ووعّاظ سلطانِه ابن الجوزي وأبناء تيميّة ورفاقُه يعتقدون أنّ المغول لازالوا في نُزْهة حتّى عام (656هـ)، فلا حاجة للتجييش والتهيئة لمواجهة خطرهم ولا حاجة أصلا للخوف والحذر منهم!! بينما صار شغل أبناء تيميّة الشاغل تكفير وقتل وهتك المسلمين من شافعية وأحناف وشيعة، وخاصّة ما حصل من مجازر وانتهاكات كبرى على أهالي بغداد الكرخ؟! ))...
وكذا الحال الآن؛ قوى الإحتلال بكل توجهاتها الدولية تعيث في ارض الإسلام الفساد والدواعش الذين يرفعون شعار الإسلام والدفاع عن المسلمين يتركون تلك القوى الغازية ويسلطون سيوفهم ومفخخاتهم وعملياتهم الإرهابية على أجساد وأرواح الأبرياء من المسلمين – كما حصل في مجزرة ذي قار – ويغضون الطرف عن قوى الإحتلال والتكفير!! وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على إن هؤلاء الدواعش هم صنيعة تلك القوى التكفيرية ولهذا نجد إن شغلهم الشاغل هو تكفير وقتل وهتك المسلمين.
بقلم نوار الربيعي