مدرسة عاشوراء تحصين للنفوس من التيه و الانحراف
تتعرض حياة الإنسان إلى جملة من المتغيرات النفسية و الاجتماعية بسبب عدة عوامل تؤثر سلباً على مجريات حياته مما يجعله أكثر عرضةً للانحراف و الابتعاد عن جادة الصواب فيكون حينها في حيرة من أمره خاصة عندما لا يمتلك السبل الكفيلة في إخراجه من دهاليز تلك الظلمات و في مقدمة هذه السبل و الأدوات هي وجود القاعدة العلمية و الفكرية الرصينة القادرة على مواجهة مختلف التيارات الفكرية الضحلة و كذلك لها القدرة على رد جميع البدع و الشبهات التي تطرأ على الساحة الإسلامية لذلك فإن الإسلام حينما دعا المسلمين قاطبة إلى ضرورة الاستزادة من العلم و المعرفة و إن كانت في مشارق الأرض أو مغاربها لأنها الوسيلة الصحيحة لإنقاذ المجتمع من رياح الجهل و التخلف و الانحطاط الفكري الذي يؤثر سلباً على مجريات الأحداث ففي الوقت الذي نرى فيه كثرة المدعين للإسلام و أنهم من أتباعه الصلحاء ومن المتمسكين بمشروعه الإصلاحي الناجح المتمثل برسالة الرسل و الأنبياء وكل مَنْ سار على نهجهم المستقيم و تاريخهم المشرف من خلفاء راشدين و صحابة أجلاء و أئمة صالحين ( رضي الله عنهم أجمعين ) جعلتهم المدرسة ذات النهج القويم و خير قادة للأمة و أبناءها في حلهم و ترحالهم وما داموا متمسكين بها و سائرون على تعاليمها و إرشاداتها فإنهم سيكونون في مأمنٍ من نوائب الدهر و مضلات الفتن خاصة و نحن نعيش أيام الحزن و الأسى و المصاب العظيم على ما حلَّ على بيت النبوة في طف كربلاء وما جرى فيها من مآسي و جرائم فاقت كل التصورات فاقشعرت لها الأبدان لأنها بحق مدرسة لتهذيب النفوس و صونها من الانحراف و التيه و الضلال وهي على ارتباط وثيق برسالة السماء و سُنة خاتم الأنبياء بل أنها تشكل الرافد الذي يرتوي من تلك الرسالة الخالدة بخلود الإنسانية جمعاء فكانت ثورة عاشوراء التي أصبحت فيما بعد المنطلق الأساس لكل الثورات العالمية التي تنشد الحرية و رفض العبودية لكل محتل و ظلم جبار فقد وجدت فيها القيم و المبادئ التي تحمل في طياتها معاني العدل و المساواة و رفض الظلم و التعسف و الاحتلال للشعوب الفقيرة و المغلوبة على أمرها فهي درس من دروس التواضع والعمل لخدمة الآخرين ، والإحساس بآلامهم ومعاناتهم ، ومعرفة الحقوق والواجبات ، والصبر على الأذى في سبيل إعلاء كلمة الحق و قد تجلت أهداف و توجهات هذه الثورة المعطاء على لسان المهندس الصرخي وفي معرض حديثه عن حقيقة ثورة عاشوراء ومدى ارتباطها بالسماء كونها تحمل ذات القيم و المعطيات التي تسعى السماء لتطبيقها بين المجتمعات البشرية كافة داعياً إياها بضرورة التطبيق الفعلي و الصحيح لما جاءت به من عبادة خالصة لله تعالى و رفض الضيم و الحيف و رفض فساد القادة الطغاة و حكام الجور الفاسدين قائلاً :(هل جعلنا ذلك و مارسناه و طبقناه على نحو العادة و العادة فقط و ليس أنه عبادة و تعظيم لشعائر الله تعالى و تحصين الفكر و النفس من الانحراف و الوقوع في الفساد و الإفساد فلا نكون في إصلاح ، ولا من أهل الصلاح و الإصلاح ) )
بقلم // احمد الخالدي