بقلم نوار الربيعي
الجميع تقريباً قد سمع بالتصريحات التي صدرت من إمام وخطيب الحرم المكي " السديس " قبل أيام قلائل وهو يصف قادة السياسية الأميركية بأنهم قطب من أقطاب السلام والإنسانية، متناسياً الأفعال الإجرامية والوحشية التي تمارسها أميريكا في العالم وخصوصاً في العراق وسوريا وفي كل بقعة من العالم ممن وطأتها جيوشها المحتلة وكيف هي أيضاً تثير الفتن والأزمات المقيتة وتدخل الشعوب في دوامات الصراعات الداخلية ومجاعة وغيرها من الأمور اللاإنسانية التي لا تعد ولا تحصى,فالجميع يعرف جيداً طبيعة السياسة الأميركية والتي لم تسلم منها حتى الدولة التي ينتمي لها هذا الداعية نفسه...
وهنا لو فرضنا إن هذا الوصف صدر من شخصية أخرى على غير عقيدة ومذهب "السديس" ماذا ستكون ردة فعله هو ومَنْ يتبعه ويعتقد بما يعتقد به هذا الداعية ؟ ماذا ستكون ردة فعله لو صدر هذا الوصف مثلا من رجل دين شيعي أو إسماعيلي أو شافعي أو صوفي ؟ الآن ومن يطالع ويراجع فتوى وآراء أئمة المنهج الداعشي التيمي يجد فيها التكفير لكل الطوائف الإسلامية بحجة مصانعة الغزاة والمحتلين وجعلوا من هذا الأمر ذريعة للقتل والتفجير والتفخيخ وسفك الدماء, لكن عندما يصدر مثل هكذا تصريح خطير من شيوخ القتل والتفخيخ والإجرام يكون الأمر مشروعاً وفيه تبريرات شرعية بل هو من السنة ومن الأحكام
لكن هذا الأمر ليس بحديث عهد عن أئمة التيمية وشيوخهم بل له جذور تاريخية في مصانعة الغزاة وتغيير الأحكام والسنن, وهذا ما بينه وكشفه المرجع المحقق الصرخي في محاضراته وبحوثه التاريخية العقائدية آخرها في المحاضرة الرابعة والأربعون من بحثثه الموسوم (وقفات مع توحيد ابن تيمية الخرافي الأسطوري ) من بطلان مباني و أفكار المنهج الداعشي التيمي بكشف أكذوبة ونفاق وخرافة وأسطورية الشعارات التي يرفعها الدواعش المارقة من خلال فضح حقيقة تاريخ أئمة وخلفاء وسلاطين التيمية في تغيير الأحكام والقتال تحت راية الصليب !! وقد استدلّ المحقق الإسلامي المعاصر الصرخي الحسني بمواقف حكّام وملوك وسلاطين الدولة الصلاحية حيث قال :(( إذا كان منهج ابن تيمية قد غيّر الأحكام الإسلاميّة، فصار أئمة المسلمين وخلفاؤهم وتطبيقًا لفتاوى منهج التيميّة هم الذين يدفعون الجزية لغير المسلمين، فأيّ جزية يتحدَّث عنها الدواعش المارقة في هذه الأيام؟!!]]
وقد نوّه المعلم الصرخي إلى نقطة مهمة في البحث وهي التأكيد على التسلسل الزمني للاحداث الجارية انذاك و بالتحديد حيث قال في {{...
النقطة الرابعة:(( هولاكو وجنكيز خان والمغول والتتار المورد5: الذهبيّ: سير أعلام النبلاء16/ (379ـ 385) [المستعصم بالله]: قال (الذهبي): {{1ـ الخَلِيْفَةُ الشَّهِيْدُ، وَاستخلف سَنَة أَرْبَعِيْنَ، وكان يلعَب بِالحَمامِ، وَفِيْهِ حرص وَتوَانٍ.
2ـ وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّمائَةٍ::
أـ عَاثتِ الخُوَارِزْمِيَّةُ بقُرَى الشَّامِ.
ب ـ وَصَالَحَتِ التَّتَارُ صَاحِبَ الرُّوْمِ عَلَى أَلفِ دِيْنَارٍ، وَفرس وَمَمْلُوْك وَجَارِيَة فِي كُلِّ نَهَارٍ،
أقول: الخُوارَزْميّة ليسوا شيعة ولا روافض وليس معهم ابن العلقمي الشيعي، فهل هم أبناء علاقم تيميَّة أو حرَّكهم ابن علقمي تيميّة، حرَّضهم وغرَّر بهم، فخرَّبوا بلاد المسلمين وقتلوا وسَبَوا وأسَروا المسلمين؟!! والسلطان الإمام صاحب الروم وغيره قد صالحوا التَّتار، وصاروا يَدفَعون لهم الجزية بكلِّ ذلة وهوان وصَغار، فهل هذا أيضًا حصل بتخطيط وتحريض ابن علقمي شيعي أو أبناء علاقُم تيميَّة؟!! وإذا كان منهج ابن تيميَّة قد غيّر الأحكام الإسلاميّة، فصار أئمّة المسلمين وخلفاؤهم وتطبيقًا لفتاوى منهج التيميّة هم الذين يدفعون الجزية لغير المسلمين، فأيّ جزية يتحدَّث عنها الدواعش المارقة في هذه الأيام}}.
هذه هي الجذور التاريخية لأئمة وشيوخ وسلاطين التيمية الذين يقدسهم ابن تيمية ومَنْ سار على نهجه التكفيري الدموي, فعندما يصدر كلام أو يكون هناك نوع من أنواع الحوار مع غير المسلمين من إحدى الطوائف أو المذاهب يكون هذا محرماً أما إذا صدر من أئمة التيمية فهو حلال ومباح!! ومع ذلك كله ينعتون بعض الشخصيات بالخيانة والغدر ويلصقون بها تهمة التعاون والتآمر مع المحتل بينما هم المتآمرون الحقيقيون, وما سقناه من كلام هو خير شاهد.