المحقق الصرخي: إبن حجر الهيثمي يذكر فضل التقرّب بالزيارة ونيل الشفاعة، يا مارقة
-----------------------------------------
بقلم: باسم الحميداوي
فتنة أخرى وأداة ثانية وسلعة مباحة استخدمها (المارقة) أصحاب المنهج التكفيري الظلامي تضاف لفتن وأدوات سابقة لتنفيذ مايصبون إليه، وهي الغاية التي من أجلها تم تصنيع وتأليف تلك الأدوات. الغاية كما ذكرنا في مواضيع سابقة، هي القتل والتشويه والتخريب والإجرام وتسييد ورفع شعار اللا نظام .
من الممكن أن يحدث الإختلاف بين طرفٍ وطرفْ، أو يحصل الخلاف في بعض الأحيان، ومرّة يحدث التجاذب، وفي أخرى مجاراة يطلق عليه الرأي والرأي الآخر، لكن هذا يكون ضمن حدود يحكمها القانون الفطري الإنساني أوّلًا، والإسلامي ثانيًا. أسماها القرأن أشرف تسمية، وأعطاها أحسن عنوان وأطلق العنان للآيات القرآنية لتتحكم بسن ذلك القانون الرائع من قبيل قوله تعالى: )ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ(
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ)
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)
اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي)
وهكذا، كثيرة هي الآيات التي تبّين الطريقة المخالفة لمنهج هؤلاء المارقة .
جاء هؤلاء المارقة ليغيروا المسار لتفقد بوصلة الأخلاق قدرتها على تحديد الإتجاه الصحيح الذي أرادته إرادة السماء. حيث استخدم هؤلاء الخوارج التكفيريين هذه المرة قضية (شدّ الرحال) والتي خلقوا منها فتنة كبيرة تراق جرائها الدماء ويستباح بسببه كل عزيز عند الإنسان الشريف الملتزم،
وكما عوّدنا المحقق الأستاذ الصرخي الحسني في محاضراته القيّمة. حيث بّين فيها التدليس الحاصل في هذه المسالة، ومن جملة ما اقتبسناه من شرح سماحته حيث قال:
(هل يستدلّ ويثبت من الروايات فعلًا عدم جواز شدّ الرحال لغير هذه المساجد الثلاثة، المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى؟)
ويسترسل المعلم الصرخي مستفهمًا :(وهل يُفهم منها ويَثبت بها ما ترتّب من مصيبة كبرى وفتنة تكفيريّة قاتلة تبيح أموال وأعراض وأموال الناس بدعوى أنّ الحديث يدلّ على حرمة زيارة القبور ومنها قبر الرسول الكريم -عليه وعلى آله الصلاة والتسليم-؟).
وقد أشار المعلم الصرخي الى بعض الروايات التي تُثبت عكس ما أراده المارقة قائلًا: (وأكتفي بذكر بعض الموارد التي تتضمن بعض الموارد الشرعيّة وغيرها تفنّد ما يستدلّ به جماعة التكفير على انتهاك حرمات مقابر المسلمين وأمواتهم بل وتكفير وقتل أحيائهم.
المورد الثاني:
شرح البخاري، عند قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد..." قال السبكي: وَقَدْ اِلْتَبَسَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ فَزَعَمَ أَنَّ شَدَّ اَلرِّحَالِ إِلَى اَلزِّيَارَةِ لِمَنْ فِي غَيْرِ اَلثَّلَاثَةِ دَاخِل فِي اَلْمَنْعِ، وَهُوَ خَطَأٌ (استدلال الدواعش، استدلال التكفيريين ومنتهكي حرمات قبور الأولياء والصالحين والأنبياء والمرسلين هو خطأ) لِأَنَّ اَلِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ جِنْس اَلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَمَعْنَى اَلْحَدِيثِ: لَا تُشَدّ اَلرِّحَال إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ اَلْمَسَاجِدِ أَوْ إِلَى مَكَانٍ مِنْ اَلْأَمْكِنَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ اَلْمَكَانِ إِلَّا إِلَى اَلثَّلَاثَةِ اَلْمَذْكُورَةِ، وَشَدّ اَلرِّحَال إِلَى زِيَارَةٍ أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ لَيْسَ إِلَى اَلْمَكَانِ بَلْ إِلَى مَنْ فِي ذَلِكَ اَلْمَكَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فتح الباري ج3 لابن حجر العسقلاني). إنتهى.