الحقيقة الكثير من المسلمين يجهل قوة الرد الفكري العلمي ضد كل توجه منحرف ضال يحمل في طياتهِ الحقد والتطرف والتكفير لمجرد كونهِ تحمله جهة تدعي الإسلام وتريد إقامة حدود الشرع بطريقتها الخاصة،وتقع على أثر تلك المفاهيم جرائم كبرى بحق أهل القبلة وغيرهم من أناس بعيدون عن الدين والمعتقد،وهناك عدة أمور أشير لها :
الأمر الأول: أنّ مثل هذه الأمور قد حصلت في أزمنة سابقة عمل فيها أصحاب المعتقد الشاذ على تجريم كل من لا يوافقهم بالرأي والمعتقد جاعلين لأنفسهم مبررات واهية وسخيفة جدًا هي اوهن من بيت العنكبوت.
الأمر الثاني :التأكيد على أنهم يستغلون طغيان الحكام وظلمهم الكبير للشعوب التي يتسلطون عليها ، ويقتلون كل مخالف لهم ولو كان أفضل الناس وأشرفهم بعد رسول الله –صل الله عليه واله وسلم- وخليفتهِ الأمام علي-عليه السلام- ألا وهو أبا الأحرار الأمام الحسين-عليه أفضل الصلاة والسلام- والذي قُتل على يد شرار الخلق ومارقة ذلك العصر.
الأمر الثالث :ولكي نستعرض بعض ما ذكره لنا التاريخ بخصوص الخوارج المارقة والذين خرجوا على أمير المؤمنين في ذلك الزمن ونلاحظ ماذا فعل بهم الرد العلمي كما في قصة ابن عباس حين ناقشهم وناظرهم واكذب وفندَ أباطيلهم ونذكر هنا تلك المناظرة(1)((لما خرجت الحرورية اجتمعوا في دار - على حدتهم - وأجمعوا أن يخرجوا على علي بن أبي طالب وأصحاب النبي معه، فاستأذن حبر الأمة ابن عباس - رضي الله عنهما - أمير المؤمنين في أن يكلمهم، فتخوف عليه منهم، فعزم عليه ابن عباس، وخرج إليهم ليجادلهم بالحكمة ويدعوهم بالتي هي أحسن،وقد ورد الخبر عن ذلك من عدة طرق، منها ما أخرجه الإمام عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه، عن عكرمة بن عمار، قال: حدثنا أبو زميل الحنفي، قال: حدثنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: لما اعتزلت الحرورية فكانوا في دار على حدتهم، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين! أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم،
قال: إني أتخوفهم عليك.قلت: كلا إن شاء الله تعالى.قال: فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية، قال: ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة،قال:فدخلت على قوم لم أر قوماً قط أشد اجتهاداً منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، ووجوههم معلمة من آثار السجود.
قال: فدخلت، فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس! ما جاء بك؟
قلت: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليهم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله.
فقال بعضهم: لا تحدثوه، وقال بعضهم: والله لنحدثنه.قال: قلت: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله واله عليه وسلم وختنه، وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه؟
قالوا: ننقم عليه ثلاثاً.
قال: قلت: وما هن؟
قالوا: أولهن أنه حكم الرجال في دين الله، وقد قال – الله تعالى- )2) ﴿إن الحكم إلا لله﴾
قال: قلت: وماذا؟
قالوا: وقاتل ولم يسب، ولم يغنم، لئن كانوا كفاراً لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم؟
قال: قلت: وماذا؟
قالوا: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.
قال: قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه واله وسلم ما لا تنكرون، أترجعون؟ قالوا: نعم.
قال: قلت: أما قولكم: حكم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم﴾ إلى قوله: ﴿يحكم به ذوا عدل منكم﴾ (سورة المائدة: آية (95) وقال في المرأة وزوجها: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمً امن أهله وحكما من أهلها﴾ (سورة النساء: آية 35) أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم؟
قالوا: اللهم بل في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم، قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: وأما قولكم: إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم عائشة؟ أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها، فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إن الله يقول: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم﴾ (سورة الأحزاب: آية 6) فأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيتهما شئتم، أخرجت من هذه؟، قالوا: اللهم نعم.
قال: وأما قولكم: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن رسول الله صلى الله واله عليه وسلم دعا قريشاً يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتاباً، فقال: اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال: والله إني لرسول الله حقا وإن كذبتموني، اكتب يا علي: محمد بن عبد الله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي رضي الله عنه، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم، فرجع منهم عشرون ألفاً وبقي منهم أربعة آلاف، فقتلوا،
ومن هنا كان ولا زال الأسلوب العلمي هو المقياس الحقيقي لردع الفكر المتطرف والمتمثل اليوم بالخط التيمي الداعشي الذي أزهق أرواح ملايين المسلمين بكثير من البلدان الإسلامية لما يحمل من أسلوب قمعي لا يمت للدين الإسلامي المعتدل الذي هو دين الوسطية والاعتدال والمجادلة بالحسنى ، ولقد أنبرى سماحة السيد المرجع الصرخي (دام ظله) الى كشف أباطيل هؤلاء عبر محاضرات علمية رصينة أسماها (الدولة المارقة ..في عصر الظهور منذ عهد الرسول) وكذلك بحث (توحيد التيمية الجسمي الاسطوري ) والذي كشف فيه عن كذب الادعاءات والافتراءات التي تطال مذهب أهل البيت وباقي الملل الإسلامية الأخرى والتي ندعوا فيها كل الباحثين والمصفين والذين يبحثون عن الحقيقة للاطلاع على تلك المحاضرات التي وثقت على الشبكة العنكبوتية وكذلك الاطلاع على الكتب المطبوعة والتي تتوفر في جميع مكاتب المرجع المحقق والمكاتب العامة.
المصادر
...........................................
1-موسوعة وكيبيديا
2-سورة الأنعام آية (57)