الرقي الى معرفة الله تعالى.... في فكر المحقق الاستاذ
-----------------
بقلم ..باسم الحميداوي
قال تعالى جل ذكره
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ
تتمحور معاني هذه الاية وتتجسد في الحكاية عن المراحل التي تمر بها دورة الحياة الانسانية حال خلق الله تعالى لها ومنطوق الاية فيه تصريح واضح بان الله تعالى قد خلق الانسان في احسن تقويم ,
فما الذي يجعله يصير في درك السافلين ؟
المتعارف عليه هو ان تكوين الانسان عبارة عن جوانح وجوارح , فمن يريد ان يبحث بين جنبات هذين الامرين (جوانح وجوارح) فانه يجد اكثر شيء يجعل الانسان في الدرك السفلي هو استخدام الجوانح بشكل خاطىء والتي تحركها (النفس)..
وهذا الاستخدام الخاطىء يوّلد تفاعل النفس مع العالم الدنيوي بشكل خطير حتى صارت جزءا منه لدرجة انهما اصبحا قرينان لايفترقان البتّة
فاذا سلّمت النفس نفسها الى مهاوي الدنيا عندها نقول على هذه النفس العفى لانها ارتمت في احضان الدنيا ومن منا لايعرف نهاية من يسلم نفسه اليها (الدنيا)
لكن العكس يحصل عندما تبتعد عن مهاوي الدنيا المؤدية الى الرذائل
وفي هذا المجال
يشرع المحقق الاستاذ الصرخي في تفصيل موجز عن هذه النفس حيث يبين لنا ان النفس عندما تحصل لها الابتعاد عن الرذائل والتمسك بالفضائل تصل الى الرقي والكمال في الفيوضات الالهية ، وهذا مقتبس من البحث الأخلاقي "السير في طريق التكامل" لسماحة السيد الأستاذ - دام ظله - جاء فيه :
((الثابت عقلًا وشرعًا أنَّ النفس المجردة باقية أبدًا بعد مفارقتها للبدن، ونتيجتها أما متنعمة دائمة أو معذبة دائمًا، والتذاذها وتنعمها يتوقف على ما تحصل عليه من الكمال والسموّ، ومراحل كمالها من الناحية النظرية: هي الإحاطة بحقائق الموجودات ثم الترقي منها إلى معرفة الله -سبحانه وتعالى- والوصول إلى مقام التوحيد الخالص، من الناحية العلمية: هي التخلي عن الصفات الرذيلة والرديئة والتحلي بفضائل الأخلاق المُرضية ثم الترقي منه إلى الإيمان بالغيب بصورة مطلقة وعملية وتطهير السرّ عمّا سوى الله وهذا معناه: إنَّ النفس لا تكون مستعدة للترقّي في المقامات والفيوضات الإلهية ولا تصل إلى السعادة الأخروية ما لم تحصل لها التخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل، فالأخلاق الرذيلة تحجب المعارف الإلهية عن النفس كما تحجب الأوساخ من ارتسام الصور على المرآة.))