الكلمة الباقية وحجج الله على خلقه
بقلم د.جلال حسن الجنــــابي
لماذا يكون هناك مع الكتاب المنزل نبي مرسل يوضحه للناس؟ ولماذا بعد وفاة النبي يختلف الناس على ما تم توضيحه؟؟ وأيهما أرحم وأبلغ وألطف وأعدل لله أن يترك كتابه لتختلف في فهم معانيه ومراده علماء المسلمين و عامة الناس!! أو أن يجعل إمام هُدى يعرف كل ما في هذا الكتاب من معانٍ ويتولى توضيحها وكشف كل ما يقع فيها من اختلاف في الفهم ؟؟؟ فبماذا يحكم العقل ؟ والقران يقول على لسان النبي : (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) . ويقول تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا).
ويقول تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ) وقال تعالى بآية صريحة بأن ذرية الأنبياء هم من يقوم بالأمر من بعدهم حيث قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ويقول تعالى مخاطبا الحساد الذين لا يرتضون الدعوة والصلاح لذرية معينة بقوله جل وعلا : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) ومن ذرية إبراهيم عليه السلام النبي (محمد )صلى الله عليه وآله ، وبعد النبي محمد هل انتفت الحاجة إلى ما نطق به القرآن من الحاجة إلى ذرية بعضها من بعض وأصبح العلم والهداية ومعرفة حقيقة مراد القرآن في الصحابة والإتباع دون الذرية ؟ وهل الكلمة الباقية في عقب إبراهيم توقفت عند النبي محمد صلى الله عليه وآله وهو من قال في حديث صحيح عند كل المذاهب :(إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما) .
وقد تطرق الأستاذ المعلم الصرخي الحسني بتوضيح ما جاء في القران الكريم من معاني الكلمة الباقية في ذرية الأنبياء (في تفسير الجلالين قال: (وجعلها) أي: كلمة التوحيد ... (كلمة باقية في عقبه) ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله لعلهم ؛ أي: أهل مكة يرجعون عما هم عليه إلى دين إبراهيم أبيهم.
وبالتأكيد من ذرية إبراهيم محمد، صلى الله على محمد وآل محمد.
ومن ذرية إبراهيم فاطمة وعلي، ومن ذرية إبراهيم الحسن والحسين، ومن ذرية إبراهيم المهدي عليه السلام.
في تفسير الطبري: عن السديّ( فِي عَقِبِهِ ) قال: في عقب إبراهيم آل محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ {وآله}وَسَلَّم. ... عن ابن شهاب أنّه كان يقول: العقب: الولد, وولد الولد.
في تفسير القرطبي: فيه ثلاث مسائل، المسألة الأولى: قوله تعالى: " وجعلها كلمة باقية " ... أي وجعل الله هذه الكلمة والمقالة باقية في عقبه، وهم ولده وولد ولده، أي إنّهم توارثوا البراءة عن عبادة غير الله، وأوصى بعضهم بعضًا في ذلك(هذا جعل تشريعي تكويني، هذا جعل تكويني، التفت جيدًا: هذه البراءة عن عبادة غير الله من الجعل التكويني الذي جعله الله وحققه الله في ذرية إبراهيم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بعد هذا يأتي التيمية، يأتي المارقة، يأتي الخوارج، يأتي النواصب يكفرون أبا النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟!! يخالفون الإرادة الإلهية والجعل الإلهي ويكذبون الجعل الإلهي ويتمردون على الله؟!! بأيّ إله وأيّ إله يتبعون؟!! ذلك الشاب الأمرد القطط الجعد، هل هو الذي أمرهم بمخالفة الله الواحد الأحد؟!!). وقال السدي:
هم آل محمد صلى الله عليه {وآله} وسلم. وقال ابن عباس: قوله " في عقبه " أي في خلفه..)
وأخيرا أقول لكل من خالف الله وسنته في محبة وإتباع أهل البيت وذكر تعاليمهم وإرشاداتهم وتفاسيرهم في أقل تقدير كما يذكرون أئمتهم وعلمائهم الذين دخلوا الإسلام بدين محمد وأهل بيته الأطهار . أقول لهم :
أرجعوا إلى الفطرة السليمة في محبة ذرية نبيكم وحاكموا عقولكم وبما جاء عن آل البيت من اعتدال ووسطية ومنهج علمي رصين وتوحيد لله خالص واتركوا التعصب الأعمى للمنهج التكفيري المارق الذي سنه ابن تيمية أو غيره وسار عليه الدواعش اليوم فاستخدموا القتل والتكفير بدل العلم والدليل والنقاش والمجادلة بالحسنى.
http://cutt.us/n68Fd