المحقق الأستاذ:الأمة الهادية هم أصحاب المهدي
بقم احمد الحياوي
لمّا نقضت بنو قريضة صلحها مع رسول الله- صلى الله عليه وآله -، وانضمَّت إلى صفوف المشركين ، تغيَّر ميزان القوى لصالح أعداء الإسلام فتحزّبت قريش والقبائل الأُخرى ، ومعهم اليهود على رسول الله- صلى الله عليه وآله- وعلى المسلمين ، وكان يقود الأحزاب أبو سفيان
فقاموا بتطويق المدينة بعشرة آلاف مقاتل ، ممَّا أدَّى إلى انتشار الرُعب بين صفوف المسلمين ، وتزَلْزَلَت نفوسهم ، وظَنّوا بالله الظنونا ، كما قال الله تعالى ( إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) الأحزاب.
استشار رسول الله- صلى الله عليه وآله- أصحابه في معالجة الهجوم المتوقّع من قبل العدو على المدينة المنوّرة ، فأجمع رأيهم على البقاء في المدينة ومحاربة القوم أن جاءوا إليهم ، كما توصّلوا إلى حفر خندق يحصّن المسلمين من أعدائهم فبدأوا بحفر الخندق حول المدينة بإتجاه العدو توجه النبي- صلى الله عليه وآله- مع المسلمين ليشاركهم في حفر هذا الخندق وتقسيم
العمل بينهم ، وكان يحثّهم ويقول : ( لا عيش إلاّ عيش الآخرة ، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرة ولم يدع المنافقون والمتقاعسون تثبيط العمل رغم الهمّة والحماس الذي أبداه المسلمون
لقد استطاعت مجموعة من العدو عبور الخندق ، وكان من بينهم عمرو بن عبد ودٍّ ، فراح يصول ويجول ، ويتوعَّد ويتفاخر ببطولته ، وينادي : هل من مبارز ؟ فلم يجبه أحد حتّى قال
ولَقَدْ بُحِحْتُ من النداء ... بجمعكم هَلْ مِنْ مُبارزْ
وَوَقفْتُ إذ جَبنَ المُشَجَّعُ ... مَوقفَ البَطَل المناجِزْ
إنّي كذلك لم أزلْ ... متسرّعاً نحو الهزاهز
إنّ السماحة والشجاعة ... في الفتى خيْرُ الغرائز
فقام الإمام علي- عليه السلام- وقال : ( أنَا لَهُ يا رَسولَ الله )
فقال له رسول الله- صلى الله عليه وآله- : ( اجلس ، إنّه عمرو )
فقال الإمام علي- عليه السلام -: ( وإن كان عمرواً )
فعند ذلك أذن- صلى الله عليه وآله- له ، وأعطاه سيفه ذا الفقار ، وألبسه دِرعه ، وعمَّمه بعمامَتِه
ثمّ قال-صلى الله عليه وآله- : ( إلهي أخذت عبيدة منّي يوم بدر ، وحمزة يوم أُحد ، وهذا أخي ، وابن عمّي ، فلا تَذَرني فرداً ، وأنت خير الوارثين )
وقال- صلى الله عليه وآله-أيضاً
( برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه )
ومضى الإمام علي-عليه السلام- إلى الميدان ، وكلّه ثقة بالله ونصره له ، وهو يقول
لا تعجلنَّ فقد أتاك ... مجيبُ صوتكَ غير عاجزْ
ذُونية وَبصيرة ... والصدقُ مُنجي كلّ فائز
إنّي لأرجو أن أُقيمَ ... عليكَ نائحة الجنائزْ
مِنْ ضَرْبَة نَجلاء يَبقى ... ذكرُها عِندَ الهَزاهِز
في حديث عن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلّم- ليلة المعراج ، قال الله تعالى : ( وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهدياً كلهم من ذريتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، أنجي به من الهلكة ، وأهدي به من الضلالة ، وأبرئ به من العمى ، وأشفي به المريض ، فقلت : إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله-عزوجل- : يكون ذلك إذا رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القرّاء ، وقلّ العمل ، وكثر القتل ، وقلّ الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة والخونة ، وكثر الشعراء ، واتخذ أمتك قبورهم مساجد ، وحلّيت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر وأمر أمّتك به ونهوا عن المعروف ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وصارت الأمراء كفرة ، وأولياؤهم فجرة ، وأعوانهم ظلمة ، وذوي الرأي منهم فسقة
وقال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلّم-: ( الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله-عزوجل- على يديه مشارق الأرض ومغاربها)
الأمة الهادية هم أصحاب المهديّ
إنَّ المهديَّ وأصحابَه- عليهم السلام- من أوضح وأشرف مصاديق الأمة الهادية بالحق وبه تعدِل، وهي الأمة التي تبقى على نهجها وسلوكها حتى نزول وظهور المسيح عيسى- عليه السلام- وإمامهم المهدي- عليه السلام- فيهم فيصلي عيسى خلفه- عليهما الصلاة والسلام-.
مقتبس من المحاضرة { 13 } من بحث (الدولة..المارقة...في عصر الظهور...منذ عهد الرسول- صلى الله عليه وآله وسلّم-) تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي لسماحة السيد الأستاذ الصرخي الحسني- دام ظله-
24 ربيع الأول 1438 هـ - 24 / 12 /2016 م
https://e.top4top.net/p_12128zf9e1.jpg...