الاقتراض من المصارف الاهلية و نظرة الشارع المقدس لها
تتعرض الطبقات المتدنية في المستوى المعيشي إلى انخفاض شديد في القدرة الشرائية، وقد تدفع بافرادها إلى البحث عن طرق تساعدهم في التخفيف من وطأة الازمات المالية التي تعصف بهم، ولعل من أبرز تلك السبل هي اللجوء إلى الاقتراض من المصارف الأهلية التابعة لأصحاب رؤوس الأموال الضخمة، أو المستثمرين في هذا المجال، فهي تستخدم أنظمة وقف الإسلام منها موقف حقيقي، وقد عالجها، و بشكل مفصل آخذاً بنظر الاعتبار الحاجة الماسة التي تدفع بالمواطن إلى الاقتراض منهما، و كذلك وضع الحلول المناسبة التي ترضي جميع الأطراف فلم يبخس حق كل واحدٍ منهما، وخير مَنْ جسد تلك الحقيقة على أرض الواقع المفكر العالمي محمد باقر الصدر ( قدس سره) في كتابه الشهير البنك اللاربوي في الإسلام، فهو يُعد في الفكر الإسلامي رائعة من روائعه القيمة المفيدة، و التجربة الناضجة في بناء مؤسسة مالية، أو مصرف يعمل بنظام الفوائد المستحقة على القروض الممنوحة من قبله، و وفق سياقات دقيقة قادرة على تحقيق الأرباح له، و بالتالي تشغيلها بكامل كادرها الإداري مع القدرة الفائقة على كسب الأموال اللازمة لعمل تلك المصارف الاهلية شريطة بناءها على وفق الشروط، و النظام الذي أرسى قواعده السيد الصدر الأول ( قدس سره ) في كتابه أعلاه، فيخرج بهذه الاعتبارات كل أوجه الربا، و السحت الحرام، و تكون الأموال الداخلة، و الخارجة من، و إلى المصرف الأهلي تدار تبعاً لأيديولوجيات الإسلام المحمدي الأصيل لكن ماذا نقول لابن آدم ؟ لماذا لا يأخذ بطرق الإسلام التي تقيه نار جهنم، و سعير الآخرة ؟ فهل الحرام أسمى، و أقرب للتقوى من الحلال، و عيش الحلال، و المال الحلال لا ندري ماهي الأسباب التي تقف وراء ذلك ؟ ومع ما تشهده الشعوب الإسلامية من تصاعد مظاهر الاقتراض، و اساليبها البعيدة عن تعاليم، و أحكام ديننا الحنيف خاصة بعد أن عصفت بها رياح الفقر، و البطالة، و غلاء المعيشة من جهة، و تزايد الجشع، و الكسب الغير مشروع لدى أصحاب الأموال، و تأسيسهم لمصارف تابعة لهم لا تخضع لرقابة الدولة من جهة أخرى، فسنوا لها الأنظمة المجحفة، و الشروط التعجيزية التي فرضت القيود الصارمة، و المتعسفة على المقترضين منها، فقد أعادة باساليبها تلك قيود الجاهلية، فقامت بفرض مبالغ كبيرة من الفوائد المترتبة على القروض التي تمنحها لكل مَنْ يطرق بابها، وهذا هو الربا، و السحت الحرام بعينه، وقد أوقعت المسلم المقترض في مطبات شرعية، و جعلته يرتكب المحرم عند السماء بدليل قولها ( أحلَّ الله البيع و حرم الربا ) و رغم هذا التحذير الرباني إلا أنها لم تصغِ له، ولا لعواقبه المخزية، فالمهم عندها جني الأموال الطائلة من وراء فرض الفوائد الكبيرة على كل مقترض منها، وهذا ما نهى عنه المرجع الديني الصرخي الحسني، وخلال رده على استفتاء وجه له، وهذا نصه :(هل يجوز الاقتراض من مصرف أهلي مبلغ من المال مقابل فائدة معينة يقوم المصرف باقتطاع الفائدة مقدماً من المبلغ قبل تسليمه، ويقوم المقترض بالتسديد أقساط شهرية) فأجاب السيد الأستاذ على فحوى هذا الاستفتاء قائلاً :(( لا يجوز ذلك و الله العالم )) فلنتقي ناراً مستعرة لا ترحم مستغيثها و طالب شفاعتها، و لنأكل زادنا بالحلال الطيب .
https://www.gulf-up.com/01-2018/1515523839331.jpg