المعلم الحسني : الرأسمالية تتبنى فصل الحياة عن الايمان بالله تعالى
السبت , 6 يونيو , 2020
المعلم الحسني : الرأسمالية تتبنى فصل الحياة عن الايمان بالله تعالى لو تنزلنا جدلاً و سلمنا بما تتبناه الرأسمالية من أفكار عدة لعل في مقدمتها هو عدم وجود علاقة بين الحياة و مفهومها العام و بين مسألة الايمان بالله تعالى، وهنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه على طاولة البحث و التدقيق و يدعو الرأسمالية إلى الاجابة عليه وهو : مَنْ عساها يا ترى القوة التي تمكنت من خلق الانسان ؟ ومَنْ هي القوة التي خلقت هذا الكون الفسيح و رتبته على وفق نظام دقيق يسير حسب تعليمات و خطوات التي لا يمكن أن تتعرض إلى العبث أو التغير أو التلاعب في تكوينها و دقتها المتناهية ؟ فيأتي الجواب أن الله تعالى هو الذي خلق كل شيء و جعل له نظام و مسار محدد يضمن للبشرية جمعاء السعادة و الحياة الحرة الكريمة لو سارت على هذا الطريق و بشكل الصحيح الذي رسمته لها السماء، إذاً توجد علاقة قوية بين الله تعالى و الحياة و بمفهومها المتعارف عليه، و هذا ما رفضته الرسمالية جملةً و تفصيلاً و السبب يعود إلى ماديَّتها الخالصة و إيمانها بفكرة عدم وجود الفرد أو مجموعة من الافراد التي بلغت درجة العصمة في قولها و فعلها و بكل ما يصدر منها من مصداقية و نزاهة مطلقة ، و تكون قادرة على تحمل المسؤولية الكاملة في تولي زمام امور الانسانية و رسم خارطة طريق لها تتكفل بقيادتها على أحسن وجه و تسير بها نحو بر الخير و الصلاح و بالتالي إقامة حياة صالحة سواء للفرد أو الاسرة أو المجتمع و على حدٍ سواء، وكذلك لعل من تلك المبررات التي يتمسك بها الرأسمالي هو اعتقاده الجازم بأن انبثاق النظام الكوني لا يكون إلا من عقلي بشري و ليس لأي قوة أن تتدخل في إيجاد و ترتيب النظام سواء أكانت أكبر أو أصغر من هذا الكائن البشري، أو أن الرأسمالي قد سقط في مستنقعات الجهل فلم يعي جداً حقيقة الوجود الطبيعي للعلاقة القائمة بين الواقعية للحياة و بين المسألة الاجتماعية، فهذه من البديهيات التي تستوجب التفكر فيها كثيراً، فلعل رجالات الرأسمالية لم يتوصلوا إلى الحقائق الطبيعية و نظامها الذي تسير عليه فوقعوا ضحية افكارهم البعيدة عن جوهر الحقيقة فأنكروا بذلك العلاقة القائمة بين الحياة و الايمان بالله تعالى، وهذا ما كشفه المعلم الحسني في بحثه الفلسفي الذي صدر في الآونة الاخيرة و الموسوم ( فلسفتنا بأسلوب و بيانٍ واضح ) حيث قال فيها الاستاذ ما نصه : ( و الدليل على مادية الرأسمالية و تبنيها عدم اتصال الحياة و النظام الاجتماعي بمسألة الايمان بالله، حيث أن الفكرة فيها – أي الرأسمالية – تُقدَّم على أساس الايمان بعدم وجود شخصية أو مجموعة من الافراد بلغت من العصمة في قصدها و ميلها وفي رأيها و اجتهاده إلى الدرجة التي تبيح إيكال المسألة الاجتماعية إليها و التعويل في إقامة حياة صالحة للأمة عليها، وهذا الأساس بنفسه لا موضع ولا معنى له )) .