الاستاذ المحقق : خلافة المارقة لا تمثل الاسلام بطبيعة الحال فإن الاسلام هو دين رحمة، دين انسانية تُحترم فيه الكرامات، و القيم و المبادئ، و المقدسات، فهو جاء ليحفظ ماء وجه الفرد، و المجتمع معاً، و يعطي كل ذي حق حقه، فلا فرق فيه بين عربي و اعجمي إلا بالتقوى، فلا إكراه في الدين و لكل انسان ما سعى و ما اكتسب في حياته، فعلى هذا الأساس فلا يكون الدين تحت تهديد السلاح أو هتك الاعراض أو نهب الاموال و الحقوق كي يسلم المرء عليهن فلا يقع فريسة سهلة لذئاب البشر المتعطشة لسفك الدماء و انتهاك الاعراض بفتاوى باطلة و أحكام عرفية فاسدة، فلقد عانت امتنا الكثير من الويلات، و الازمات التي توالت عليها و عبثت بمقدراتها الهائلة، وهذه لم تكن وليدة العصر بل لها من الجذور القديمة ما جعلها تستمد منها الانحراف الاخلاقي و البطش الدموي و التلاعب بعقول الابرياء و المستضعفين، فمارست تلك القوى شتى الوان العذاب بتلك الشرائح المضطهدة وعلى يد القيادات المنافقة و المارقة من ديننا الحنيف كما يمرقُّ السهم من الرمية بل و أشد من ذلك، فتلك القيادات الفاشلة انتهجت اسلوب المكر و الخداع و النفاق فقد اصطنعت لنفسها الصبغة الاسلامية بينما تضمر الحقد و الضغينة و البغضاء للإسلام و رجالاته العظماء من انبياء و خلفاء راشدين و أولياء صالحين، فألحقت في البلاد الفساد و الإفساد، و عمَّ فيها الخراب و الدمار بسبب ما ارتكبته ايدي هذه القيادات الدخيلة على الدين و المذهب الشريف، فهؤلاء المنحرفون رفعوا شعار الاسلام و راية الاسلام ليكون هو المسؤول الاول عن جرائمهم و فسادهم الشنيع فأباحوا بيع الخمور، و شرعنوا المحرمات، و سنوا القوانين التي تبيح بيع الخمور و اقامة مجالس المحرمات ومن دون حسيب أو رقيب، بل أنها تحاسب كل مَنْ يعارضها، أو يبدي رأيه بالضد منها في محاولة منه لاجتثاثها أو الحد من تفشيها بالمجتمع، فيحاسب الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر حسابا شديدا، و أما عبيد الشهوات و متعاطي الخمور لهم مطلق الحرية في كل ما يفعلون من منكرات و قبائح يندى لها جبين الانسانية، فكانت تلك سياسية متبعة عند نلك الحكومات وفي مقدمتهم الدولة الاموية و العباسية و الايوبية و الزنكية و الفاطمية فليس من الانصاف أن نسمي تلك الحكومات بالإسلامية و نعدُّها ضمن دائرة الدول الاسلامية، ففي هذا شينٌ على الاسلام، بلاد تباع فيها الخمور، بلاد تشرعن المحرمات، و تسمى بالإسلامية، أي ظلم هذا الذي لحق بالإسلام منها !؟ وقد طالب الصرخي الحسني بعدم عدُّ تلك الدول ضمن خانة الاسلام جاء ذلك في المحاضرة (24) و التي قال فيها : (( ولا يضاف لها عنوان الاسلامية ؛ لان هذا شينٌ، هذه فضيحة، هذه مثلبة على الاسلام، بلاد تباع فيها الخمور، و يشرعن فيها بيع الخمور، و ارتكاب المحرمات فكيف تسمى بالإسلامية، ؟ فإذا كانت الدولة كما في المصطلح الحديث " علمانية " فما يصدر من منكرات لا تسجل على الاسلام و القران و النبي و الائمة الصالحين، فمن الخطأ الجسيم الفادح القاتل أن تسمى الدول التي تبيح المحرمات و المنكرات أن تسمى بالدول الاسلامية ... الخ )) .