الأمانة العلمية ديدن الأعلم بالأصول تُعد قضية الأمانة العلمية في قراءة مجريات الوقائع التاريخية، و الأمانة في طريقة التعامل مع ما سجله التاريخ، فهذه القضية ذات دور كبير في رسم ملامح المستقبل، و كشف النقاب عن الحقائق التي دونها التاريخ فكانت أشبه بالصحيفة التي لا يمكن التغاضي عنها، أو التلاعب بما فيها من حقائق و أمور و قضايا، فالأمانة لا تقتصر على هذه المقدمات و حسب بل لها من البصمة الواضحة المعالم في النقل التاريخي ما يشهد البعيد قبل القريب بفضلها ؛ لما فيه من روايات و أحداث جرت على وجه المعمورة ولها من التأثير الكبير على سير الحياة، فتولد لدى الكثير من الناس و خاصة ناقلي الروايات و مؤرخي الأحداث بأن يدونوها لتكون سجلاً حافلاً بالمتغيرات الإنسانية و طبيعة تلك المتغيرات، و تعتبر قضية الشخصيات الإسلامية وما قدمت من مواقف تارة تكون ايجابية ، و تارة أخرى تكون سلبية، تارة تكون لصالح الإسلام و الإنسانية، و تارة تكون ضد أي مشروع إنساني نبيل يهدف لإنقاذ البشرية من مخاطر و مستنقعات الفساد و الإفساد خاصة عندما يتلبس الجاهل و السارق رداء القديس فيقود البشرية نحو بؤر الشر و الرذيلة، فتنقلب الموازين و تضيع المقاييس الصحيحة فتظهر في المجتمع الكذب و التدليس في نقل الأحداث و التلاعب و التزييف في الأمانة العلمية في نقل الروايات و الأحاديث الصحيحة في السند و المضمون فقد أصبحت تلك القضية عملة نادرة في زماننا هذا نظراً لما لحق بها من دس و تحريف و شبهات و بدع ضالة مضلة فأختلط بذلك الحابل بالنابل على الإنسانية فأصبحت لا تعرف الحق و أهله ولا تميزه عن الباطل و أهله، لا تعرف الناقة و الجمل، فاستحكمت الشبهات فيها و قادتها نحو دهاليز الجهل و التخلف حتى ظننا أن لا تغيير جذري في مسار الحياة يلوح في الأفق، لكن وكما تقول الحكمة الأرض لا تخلو من الصالحين فها هو المحقق الأستاذ الصرخي الحسني يُجسد حقيقة الأمانة العلمية في النقل التاريخي في جل محاضراته و آثاره العلمية و كلماته الأخلاقية و مشاريعه الإصلاحية، فكل متتبع لتلك المحاضرات يجد المصداقية و الأمانة العلمية و الدقة في اختيار النقل الصحيح و الموضوعية في الطرح هي الأبرز من بين المعاني الإنسانية الأخلاقية التي يتحلى بها السيد الأستاذ خاصة مع الأحداث التاريخية التي لعبت دوراً كبيراً في تحديد مسار حياة الإنسان في كل عصر و مكان، ومنها قضية المختار الثقفي وكيف تم التعامل معها من قبل المحقق الأستاذ و بكل مهنية و موضوعية و أمانة علمية فقد أعطى كل ذي حقٍ حقه، فهذه المحاضرات قدمت الكثير من الحقائق و أعطت الصورة الواقعية لما طرأ على البشرية من وقائع و أحداث مهمة لا زالت آثارها شاخصة للعيان إلى الآن .