المعلم الصرخي يضع أسس تهذيب النفس و الارتقاء بالفكر الإنساني
كما يعلم سائر الخلق بمختلف أجناسهم أنهم ضيوف على هذه الدنيا الفانية، و أنهم لا محالة ذاهبون عنها يوماً ما، و تلك حقاً من ثوابت الفطرة البشرية التي لا نقاش فيها، فلعل من جملة تلك الثوابت أن الإنسان بطبيعته الفطرية يخضع لعدة قوانين تارة تكون سماوية، و تارة أخرى تكون وضعية، لكن ما يهمنا أكثر هو كيف يستطيع هذا الكائن الحي بناء شخصيته المتكاملة من حيث النفس و ترويضها على طاعة أولى تلك قوانين من جهة، ومع أبناء جنسه البشري من جهة أخرى، فيحتاج هنا إلى مًنْ يُقوم له تنظيم حياته، و تهذيب نفسه، و إعداد فكره الناضج الذي يجعله يسير في الطريق الصحيح، فتأتي الحاجة إلى المرشد، إلى المعلم، إلى الموجه الصالح؛ لأن هذا المرشد سيكون له حتماً بمثابة النور الذي يهتدي بنوره، و القدوة الحسنة التي يستضيء بفيئها حتى يصل إلى بر الأمن، و الأمان، و يحصد ثمار سعيه المستقيم في الدنيا، فينال بذلك رضا الله ( سبحانه و تعالى ) في كلتا الدارين، فعلى حيثيات تلك المقدمة يكون الإنسان أمام مسؤولية مهمة تقتضي منه التعقل، و التفكير الصحيح، و الاختيار الموفق قبل الخوض في غمار مسيرة الحياة، إذاً لابد من تهذيب النفس، و جعلها تذوب في طاعة، و عبادة خالق السماء، و الأرض، و كذلك بناء قاعدة التفكير السليم النابع من العقل السليم، ومن ثم الارتقاء به إلى مصافِ التكامل الإنساني وصولاً إلى إقامته على أرض الواقع، و لعلنا نجد في الدعوات الإصلاحية التي أطلقها الكثير من المصلحين، و دعاة النصح، و الإصلاح في سبيل قيادة البشرية جمعاء نحو تحقيق إقامة المجتمع المثالي، و تأتي في مقدمة تلك الدعوات التوعوية ما صدر من المعلم الصرخي الحسني في منهاجه الرسالي، وهو يدعونا إلى السير في تحقيق التكامل الأخلاقي، و الاجتماعي، ومنها قوله : (( نحتاج إلى مراجعة للنفس، و تهذيب الفكر، و إعادة قراءة التاريخ بأنصاف، و حكمة؛ حتى نتعظ مما حصل، و تقترب الأفكار، و النفوس، و تتحد تحت عنوان جامع يرجع إلى ثوابت الإسلام، و مبادئ الإنسان، و الأخلاق . )) وفي الحقيقة اليوم ما أحوجنا إلى هذا النهج الإصلاحي الذي أصبح بمثابة خارطة طريق ناجعة في سبيل إعادة ترتيب أوراق البيت البشري بمختلف انتماءاته، و انحداراته الاجتماعية، و المذهبية، و نبذ الطائفية التي مزقت كل أواصر النسيج الاجتماعي الذي أسست له قوى الشر، و التطرف، و الإرهاب من خلال بث سموم أفكارهم المنحرفة، و عقائدهم الفاسدة التي ما أتت على شيء إلا و جعلته كالقرية الخاوية .
https://b.top4top.net/p_952hem8z1.jpg بقلم الكاتب احمد الخالدي