الكاتب علاء اللامي
قال تعالى :- يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿10﴾ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿11﴾ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿12﴾ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿13﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴿14﴾دعوة للمؤمنين إلى الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله ووعد جميل بالمغفرة والجنة في الآخرة وبالنصر والفتح في الدنيا، ودعوة لهم إلى أن يثبتوا على نصرهم لله ووعد جميل بالتأييد.والمعنيان هما الغرض الأقصى في السورة والآيات السابقة كالتوطئة والتمهيد بالنسبة إليهما.قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم﴾ الاستفهام للعرض وهو في معنى الأمر.والتجارة - على ما ذكره الراغب - التصرف في رأس المال طلبا للربح، ولا يوجد في كلام العرب تاء بعده جيم إلا هذه اللفظة.فقد أخذ الإيمان والجهاد في الآية تجارة رأس مالها النفس وربحها النجاة من عذاب أليم، والآية في معنى قوله: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون - إلى أن قال - فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به﴾ التوبة: 111.وقد فخم تعالى أمر هذه التجارة حيث قال: ﴿على تجارة﴾ أي تجارة جليلة القدر عظيمة الشأن، وجعل الربح الحاصل منها النجاة من عذاب أليم لا يقدر قدره.ومصداق هذه النجاة الموعودة المغفرة والجنة، ولذا بدل ثانيا النجاة من العذاب من قوله: ﴿يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات﴾ إلخ، وأما النصر والفتح الموعودان فهما خارجان عن النجاة الموعودة، ولذا فصلهما عن المغفرة والجنة فقال: ﴿وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب﴾ حيث جاء في محاضرة السيد الأستاذ الصرخي الحسني من بحث (الدولة.. المارقة... في عصر الظهور... منذ عهد الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم- بشارة موسى التوراتية ثم بشارة عيسى الإنجيلية ثم تأتي البشارة المحمدية القرآنية التي تبشر بالمهدي خاتم الخلفاء الأئمة المصلحين-عليه السلام- الذي يكون على يديه النصر والفتح القريب، قال تعالى (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) وقد جعل القرآن هذا المعنى في مقابل الجهاد بالأموال والأنفس والذي يحتمل فيه أيضًا نصر وفتح، (هذه التجارة الأولى، التجارة المنجية، أيضًا فيها جهاد بالأموال والأنفس، وفي هذا الجهاد أيضًا يحتمل فيه النصر والفتح) قال تعالى (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)) لكن هذا الجهاد والنصر يختلف عن النصر والفتح القريب البشرى للمؤمنين الذي يكون في خلافة المهدي الموعود-عليه السلام-.خامسًا: البشرى والوعد الإلهي يشمل الحواريين أنصار عيسى -عليه السلام- حتى يصبح ظاهريًا، فلابد من رجوعهم في آخر الزمان لينالوا ما وعدهم الله سبحانه وتعالى، (إذن غيبة عيسى وموت الحواريين، ظهور عيسى ورجعة الحواريين) ويكون ذلك بإمامة وخلافة وقيادة المهدي ووزارة عيسى المسيح-عليهم الصلاة والسلام-.
الشاهد القرآني الخامس عشر: الإمام المستضعف الوارث
قال الله تعالى في سورة القصص (بسم الله الرحمن الرحيم طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6))
أقول: المعنى واضح في التمكين في المستضعفين وإمام المستضعفين-عليه الصلاة والتسليم-، فمتى يحصل هذا التمكين وعلى يد من؟ ولا يخفى عليكم أن فرعون وهامان وجنودهما قد ماتوا قبل التمكين، بل حتى قبل التمكين المحدود الذي حصل لاحقًا وحكم فيه أنبياء وملوك بني إسرائيل، فمتى سيرى ويشهد فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون منه من نصر الله للمستضعفين وتمكينهم في الأرض؟ (لا يوجد جواب إلا بالقول برجعة فرعون وهامان وجنود فرعون وهامان حتى يشهدوا التمكين، حتى يشهدوا النصر والفتح القريب، حتى يشهدوا ما كانوا يحذرون.
الشاهد السادس عشر: من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله
قال العلي العظيم (بسم الله الرحمن الرحيم الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) ... وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)). إذن هذه هي أيام الله، وعندي خروج وإخراج من الظلمات إلى النور، وعندي قبل هذا كان خروج وإخراج من الظلمات إلى النور
https://c.top4top.net/p_9915zk831.png.