المحقق الصرخي و إحياء الفكر الحسيني بالحزن و البكاء
بقلم /// الكاتب احمد الخالدي
للفكر الحسيني دور مهم و فعال في تربية الإنسان، فهو لا يزال يحافظ على ديمومة بقاءه، و في أوج عطائه الذي لا ينضب، و يحتل موقعاً في قلوب الناس، فنجد صداه يقرع أبواب النفوس الثائرة ضد الظلم، و الطغيان، فمقدمات نجاحه قد تهيأت قبل انطلاق شرارته الأولى منها وجود المنبر الذي لعب دوراً كبيراً في تهيئة الأجواء الملائمة لإعداد العقول المؤمنة بمشروعية رسالتها، و أنها تعمل وفق منظار الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، بالإضافة إلى أن المنبر قد كشف الحقائق التي شابها العديد من الشبهات، و ما عملته الماكنة الإعلامية للحكام الأمويين في ذلك العصر عندما قلبت الموازين، و أظهرت الباطل حقاً، و الحق باطلاً، و الأقلام المأجورة، و فتاوى أئمة التكفير، و دواعش ذلك الزمان، فأصبح الظلم أهم سمة في سياسة حكم البلاد، و العباد عند هؤلاء القوم، وهذا ما كشف حقائقه المؤلمة المنبر الشريف عندما وضع النقاط على الحروف، فقال كلمته الحسنى، و صدح بما يخدم الإنسانية، و يحفظ إنسانيتها السامية، فلم يترك شيئاً إلا وقد بين حقيقته للناس، فكان المنبر من أفضل وسائل الإعلام التي أمرت بالمعروف و نهت عن المنكر، وكان وسيلة مهمة عند أئمة المسلمين أمثال الإمام علي بن الحسين – عليهما السلام – الذي جعل من المنبر صوته الإعلامي لتبيان حقائق الثورة الحسينية، و الأهداف المتوخاة منها، و حقيقة ما تعرضت له من قلب الحقائق، و التشويه أحداثها المؤلمة بفعل ما ارتكبته الطغمة الفاسدة لحكام ذلك العصر، فنجد أن التاريخ ينقل، و بكل أمانة مواقف السجاد – عليه السلام – تجاه الفكر الحسيني عندما كان يقيم مجالس الحزن، و البكاء، و العزاء على أرواح الأجساد الطاهرة لأبيه، و أهله، و صحبه، و بنيه، فيرسم صوراً بالكلمات وهو يعطي حقيقة ما جرى بطف كربلاء من جرائم بشعة تقشعر لها الأبدان، و بطبيعة الحال فإننا نجد المحقق الصرخي الحسني يضع نصب أعيننا دور هذه الثورة الإصلاحية في تربية الإنسان، و إعداده صحيحاً لتقبل أطروحة العدل، و الإنصاف القادمة لا محالة، فقال في بحث الثورة الحسينية، و الدولة المهدوية ما نصه : ((لترسيخ الثورة الحسينية وأهدافها في أذهان الناس وقلوبهم ولشحذ المخلـصين وتأسـيس الاسـتعدادات الروحيـة والجسدية وتحقيق التكاملات الفكرية والعاطفية والسلوكية، ولتهيئة القواعد والشرائح الاجتماعية التي تحتضن أطروحة الأخذ بالثأر والمحقق للعدل - عليه السلام - والانتصار له - عليه الـسلام - والثبـات علـى ذلـك، تــصدّى الأئمـة المعصومون - عليهم السلام - لتربية الأجيال وتحقيق الأهداف، وقد جعلوا المنبر الحسيني الوسيلة الرئيسية في تلك التربيـة الرسالية الإلهية، فقد عقدوا المجالس وأرشدوا الناس إلى ما يترتب عليها من آثار في الدنيا والآخرة ... انتهى )) .
https://s1.gulfupload.com/i/00050/3jp7ci5xnr5x.png