عن معاناة النازحين المعلم الصرخي يقول : لا يوجد مَنْ يهتم لهؤلاء المساكين لهؤلاء الأبرياء .
رغم ما يمتلكه العراق من خيرات و ثروات طائلة تدر عليه مليارات الدولارات تجعله لا يحتاج إلى غيره أو الرضوخ لإملاءت البنوك و المؤسسات المالية العالمية مقابل الحصول على القروض و المنح المالية منها التي تكون عليه وبالاً و ذات عواقب وخيمة لا يُحمد عقباها وهذا ليس محور مقالنا فنترك الأمور لمَنْ تصدى لها بنفسه بل ما يهمنا في ذلك أنه من المؤسف جداً أن نرى أعداداً الكبيرة من العوائل النازحة تسكن في الصحاري الجرداء و البراري القفار التي لا تغن ولا تسمن من جوع بينما تلك الأموال الطائلة تبعثر هنا و هناك و على صفقات مشبوهة لا جدوى منها في حين أن النازحين الذين تقطعت بهم السُبل و أعيتهم الحيل و أثقلت كاهلهم ظروف الحياة الصعبة و تفاقم معاناتهم وسط المخيمات الرثة التي يقبعون تحت ظلها فلا حياتهم كحياة البشر ولا عيشهم كعيش البشر فمن نقص في الخدمات بشتى المجالات إلى شحة في فرص العمل ومن انعدام الدعم المالي و الغذائي و الصحي إلى غياب العون و المدد الأممي والتي من المفروض أنها تكون تحت أنظار القائمين على إدارة البلاد و يعلمون على تذليلها ليل نهار و بإشراف مباشر من قبلهم كأن تشكل غرف عمليات سريعة الاستجابة لتوفير متطلبات النازحين حتى يتمكنوا من تخفيف معاناتهم فيتخطوا الأزمات التي تعصف بهم إلى أن تنتهي المأساة و تعود تلك العوائل إلى قُراها و مدنها بكل عزة و كرامة و احترام و ترحل السنوات العجاف و تعود معها الابتسامة تعلو مُحيا الأطفال و تشرق شمس الحرية من جديد على ربوع مدنهم التي عانت الأمرين من فراقهم فهذه العوامل كلها تدعو إلى الوقوف إلى جانب تلك الشريحة المضطهدة و مد يد العون و المساعدة للنهوض بواقعهم الحياتي من جديد لبناء آفاق الحياة المفعمة بالأمل السعيد و الحقوق و الامتيازات التي سلبت منهم وفي وضح النهار فليس من الإنصاف تجاهل معاناتهم و عدم الاكتراث لما يعانون منه من الأزمات في شتى الخدمات التي تزيد الطين بله عليهم بين الحين و الآخر وهذا مما يخالف الشرع و القوانين و الأنظمة الدولية و ميثاق الأمم المتحدة و منظماتها الإنسانية و حقوق الإنسان التي أوجبت مد يد العون و المساعدة لكل نازح و مهجر ترك الديار بسبب الظروف القاهرة منها خوفاً على نفسه من القتل و سفك الدماء و لحفظ عرضه و أهله من جرائم الذئاب البشرية ذئاب الرذيلة و الانحراف الأخلاقي فكانت تلك المقدمات قد دعت المحقق الصرخي الحسني إلى توجيه الانتقاد الشديد لكل مَنْ لا يهتم لما يعاني منه النازحون وفي المقابل يبحث عن حصته من الكعكة العراقية في حين أن النازحين يعيشون وسط معاناة لا تعد و لا تحصى لو صح التعبير فقد استغرب الأستاذ المحقق من تلك المواقف الغريبة العجيبة من أهل الحل و العقد بمختلف توجهاتهم الاجتماعية تجاه النازحين جاء ذلك في المحاضرة (28) ضمن سلسلة بحوث تحليل موضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي فقال : ( مئات، الالاف، و ملايين الناس في الصحاري في البراري، و تمر عليهم الأيام، و الأسابيع، و الأشهر، و الفصول، و السنين، و لا يوجد مَنْ يهتم لهؤلاء المساكين ؟! و لهؤلاء الأبرياء ؟! الكل يبحث عن قدره ! لا يوجد مَنْ فيه الحد الأدنى من الإنسانية، الحد الأدنى من الأخلاق، لا يوجد نقاوة، لا يوجد صفاء، لا يوجد إنسانية، لا يوجد أخلاق، لا يوجد عدالة، كله لوث، كله شائبة ) انتهى .
https://bit.ly/2qdDibl بقلم احمد الخالدي