عندما جاء الإسلام إلى الإنسانية فقد جاء ليخلصها من رواسب الجاهلية وما فيها من عادات وتقاليد مجحفة، فالقوي يأكل الضعيف ويعيش بترف وبذخ فاحش، فكل شيء له مباح حتى المحرّمات مباحة أمامه، فلا دين له وهو من الطبقة العليا في هذا المجتمع الذي تسوده قوانين شريعة الغابة بينما الطبقات الدنيّة التي تعيش تحت خط الفقر فهي تمثل النسبة الأكثر فيه و يقع عليها الظلم والاضطهاد وخدمة طبقة النبلاء ليل نهار، والسهر على راحتها فتعمل لها كل ما يُدخل عليها السرور والأفراح حتى باتت تعاني شتى ألوان العذاب بسبب ما تتجرع مرارته كل يوم مئات المرات، واستمرت على هذا المنوال والحال البائس رغم مرور مئات السنين عليها وخضوعها لحكام وقادة وسلاطين لا يهتمون للرعية ولا يبالون بما يجري عليها من ويلات ومآسي وصعاب أقلها الفقر الشديد وقلة فرص الحياة الكريمة، وفي المقابل فهؤلاء القادة يحرصون على العيش بإسراف كبير ونثر أموال الرعية على مجالس اللهو والطرب وإنشاء معامل الخمور رغم أنها محرّمة في الإسلام الذي وقف ضدها فقال (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه) ورغم ذلك إلا أن هؤلاء القادة الفاسدين في كل عصر لا ينصاعون لأوامر القرآن الكريم فالمهم أن مجالسهم عامرة بالخمور والغناء والرقص والتي تنتهي بالرذيلة والفساد وسط أحضان بائعات الهوى، وكما يطلق البعض عليهن هذه العناوين والمسميات المنحطة، فاليوم لم يطرأ أي تغير على هذا الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمة الإسلامية ومما زاد الطين بله هو ما جاءت به تنظيمات داعش من خزعبلات وشعارات مزيفة تسعى لزيادة تفاقم الوضع أكثر فسادًا مما كان عليه بالأمس فرغم أن قادتهم وسلاطينهم كانوا يحللون تجارة الخمور فاليوم هم مَنْ يقتل الناس وعلى الظن بمزاولة تلك التجارة الفاسدة بينما قادتهم المبجلون قد شرعنوا هذه التجارة وأعطوا التراخيص ببيعها في الأسواق وما حملهم إياها للتتر وبكميات كبيرة مقابل عدم غزو التتر لبلادهم وإسقاط عروشهم ومنهم قادة وملوك الإسلام بمدينة تبريز، فهذه ليس من المحرمات عند الدواعش بل إن هؤلاء القادة يتمتعون بحصانة عالية ومن الخطوط الحمراء، وفي المقابل تطبق القوانين على الفقراء والمستضعفين، فسياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها داعش إنما هي مقدمة لتكريس مشاريعهم التي ترمي لإقامة دولة إسلامية على أنقاض وآلام المسلمين لكنها أي دولة إسلامية لا تتحرج من فعل المنكرات فهي أكثر ما تكون علمانية خليعة ماجنة وكما وصفها المعلم الصرخي: (فتلك دولكم علمانية أكثر من علمانية الدول الحالية فأي دولة إسلامية تريدون إقامتها وأنتم وأئمتكم أصل العلمانية الخليعة الماجنة؟ .) .