فلسفتنا بأسلوب و بيان واضح ... الرأسمالية تقصي الأخلاق
لا ينكر أحد أن الأخلاق هي المرآة التي تعكس جوهر الفرد، فهي تاج يتزين بها الإنسان و يتخذ منها عنوانه الذي يتعامل به مع أبناء جلدته فهو بدون هذه الجوهرة الكريمة و النادرة في زماننا هذا – وهذا حقاً مما يؤسف له - تكون حياته هباءً منثوراً ولا جدوى من وجوده في هذا الكون الفسيح، ولعل السماء وما قالته بحق نبيها الكريم ( و إنك لعلى خُلُق عظيم ) خير شاهد على المكانة المرموقة التي تحظى بها الأخلاق، فهل يا ترى هي تجامل النبي أم أنها تريد منا نحن بني البشر قاطبةً الاقتداء بأخلاقه الفاضلة و سيرته العطرة و سنته القويمة ؟ لكن ماذا نقول لأصحاب الحركات و التيارات التي تنافي العقل و تتجاهل دوره المهم في بناء الإنسان الصالح من حيث الأخلاق و الفضائل الحميدة ؟ ولعل في مقدمة تلك الاتجاهات المتعددة هي الرأسمالية التي انطلقت من أسس متهالكة و أنها ولدت من رحم فاسد فاختطت لها مناهج عقيمة جعلتها تقع في سوء أفكارها و ضحالة جهلها و لنرى ماذا يقولون عن الأخلاق . فمن خلال التحليل الموضوعي لما صدر منهم تجاه الأخلاق نرى أنهم يؤمنون بقضية المصلحة الشخصية و تقديمها على المصلحة العامة وهي بمثابة الأخلاق عندهم و التي لا نرى لها وجوداً أصلاً في هذا الفكر الغريب الأطوار، فهي بحسب ما يعتقدون به أنها لا قيمة ولا دور لها في تكوين النواة الأولى للمجتمع بل هي كالسراب الذي يلهث خلفه الظمآن فلا جدوى من التحلي بها وهذا بحد ذاته يُعد سفسطة كلام ليس إلا فمتى كانت المنفعة الشخصية للفرد تحل محل الأخلاق ؟ و متى كانت المصلحة العامة تقوم مقام الأخلاق ؟ فالأخلاق أين و المنفعة الشخصية أين ؟ حقيقة حدث العاقل بما لا يُعقل فإن صدق فلا عقل له فليس كل إنسان يعمل لمصلحته أو لمنفعته الذاتية فقد تحلى بأخلاق فالعقل يلزمنا على العمل بما يجعلنا نتحلى بها و نؤمن بها و نرسم حياتنا وفق مناهجها المستقيمة فلا عمل صالح بدون أخلاق، ولا قول صالح بدون أخلاق، و لا حياة سعيدة صالحة بدون أخلاق، و لا مجتمع ناضج صالح بدون أخلاق. فانتبهوا يا دعاة الرأسمالية و استفيقوا من سباتكم و تحلوا بالأخلاق الحسنة و الشمائل الفاضلة و كونوا لها دعاة سواء صامتيين أو بالقول جهاراً ليلاً و نهاراً وهذا ما دعا إليه المحقق الأستاذ الصرخي الحسني في بحثه الموسوم و الذي صدر منه الحلقة الأولى في الآونة الأخيرة و تحت عنوان فلسفتنا بأسلوب و بيان واضح و مما جاء فيه : (( إنّ منهج تربية الأخلاق والقِيَم الروحيّة يتّخذه الدين للتوفيق بين الدافع الذاتي والقِيَم أو المصالح الاجتماعيّة، وهو التعهّد بتربية أخلاقيّة خاصّة تَعنَى بتغذية الإنسان روحيًّا وتنمية العواطف الإنسانيّة والمشاعر الخُلُقيّة فيه، فإنَّ في طبيعة الإنسان طاقات واستعدادات لميول متنوّعة.)).
https://www.al-hasany.net/wp-content/uploads/2018/12/%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%AA%D9%86%D8%A7.png بقلم /// الكاتب احمد الخالدي