المحقق الصرخي : فئة الكبراء الأثرياء الرأسمال هي المسيطرة على الموقف
الحقوق السياسية من البديهيات التي لا غبار عليها فهي تتبلور بحكم مجموعة من القوانين ترسم لها خارطة طريق من حيث التنظيم و التطبيق الفعلي فنرى لكل مسؤول في العملية السياسية له حقوق يعمل على حفظها بما يتماشى مع نظم الدستور و تشريعاته التي أقرتها أعلى سلطة سياسية في كل مجتمع و هذه الحقوق لا يمكن أن تسيطر عليها أية قوة مادية أو معنوية فقط يتحكم بها الدستور وكما قلنا لان في ضياعها أو الإفراط فيها ما يشكل خطراً على عامة الشعب و يولد حالة نفسية تهمين على واقع السياسي أولاً وكل أطراف الرئاسات السياسية نفسها لأنها فقدت أهم شيء ألا وهو الحقوق التي تتمتع بها، وهذا بدوره سيخلف فجوةً في قلب العملية السياسية فيدفع أركانه إلى العمل غير المنسق الذي لا يستند لقانون أو نظام ممنهج فينتج على إثرها حالة من الفوضى و الاتفاقيات الفاسدة بين ضِعاف النفوس في المجتمع السياسي حتى يقع المحظور فتظهر لنا مجموعة من الأثرياء و يتولد لديهم رغبة في زيادة ثرواتهم وعلى حساب الأكثرية المسحوقة فهذه حقيقة واضحة المعالم تعاني منها اليوم أغلب مجتمعات الأرض فكانت هذه المقدمات لظهور العديد من الأنظمة التي وضعت تلك المشكلة و غيرها على طاولة النقاش لكنها و لعدة أسباب منها عدم امتلاكها للحلول الناجعة في حل المشكلة الأساس التي يأن الإنسان من ويلاتها و منذ مئات السنين، فضلاً عن نظرتها الجادة في حل المشكلات العالمية ولعل من تلك الأنظمة الرأسمالية التي اتخذت من المادية البحتة منهجاً أساساً تستند عليه في دراسة تلك المشكلات لكنها كسابقتها لا تأتي بشيء جديد بل مما زادت في الطين بله عندما نظمت أنتجت حرية اقتصادية لكل فرد و مكنته من امتلاك التجارة الحرة و وفرت له الحماية الكاملة لممارسة شتى الأعمال الحرة فأطلقت العنان له دون قيد أو شرط وهذا ما أثر سلباً على واقع المجتمع الذي انقسم بدوره إلى أقلية من الأثرياء و أكثرية مسحوقة تعاني الأمرين من سياسة التمييز العنصري و هيمنة الأقلية الثرية على أمور السوق و ما يرتبط به من سياسات منظمة له و قوانين تحفظ في حقوق الكل و بالتالي فقد أسهمت الرأسمالية بماديتها الخالصة في وصول الأثرياء إلى مراكز حساسة في الدولة ومنها السيطرة الكاملة على مقاليد الحكم الذي أصبح مسيراً لخدمة مشاريع الأقلية الرأسمالية الثرية و لحماية نفوذها و تسخير القوانين لصالحها وكما كشف عنه المحقق الصرخي في بحثه الموسوم ( فلسفتنا بأسلوب و بيانٍ واضح ) ضمن سلسلة البحوث الفلسفية الحلقة الأولى فقال المحقق الأستاذ : ( وهنا يتبلور الحق السياسي للأمة من جديد بشكل آخر فالمساواة في الحقوق السياسية بين أفراد المواطنين و إن لم تمحِ من سجل النظام غير أنها لم تعد بعد هذه الزعازع إلا خيالاً و تفكيراً خالصاً، فإن الحرية الاقتصادية حين تسجل ما عرضناه من نتائج تنتهي إلى الانقسام الفظيع الذي مرَّ في العرض و تكون فئة الكبراء الأثرياء الرأسمال هي المسيطرة على الموقف و الماسكة بالزمام و تُقهَر الحرية السياسية أمامها.) .
بقلم احمد الخالدي