المحقق الأستاذ الحسني : الأساليب البهيمية سلاح العاجز عن المواجهة العلمية
لم تكن المناظرات العلمية و المطارحات الفكرية التي تتسم باختلاف وجهات النظر بين جميع الأطراف التي تخوض غمارها وليدة العصر بل لها من الجذور التاريخية ما يُعتد بها و يجعلها مخرجاً يلجأ إليه في آخر المطاف إذاً فهي ليس من مستحدثات العصر الحديث ولعل في حادثة المناظرة التي جرت بين الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و الكثير من الصحابة الأجلاء و بين المعاندين من مختلف التوجهات المذهبية الأخرى خير شاهد و دليل دامغ على أنها مسألة لا يُستهان بها لان فيها تظهر الحقائق للعيان أولاً، و يطلع الرأي العام على أرجحية أحد الطرفين المتناظرين و علو كعبه على الطرف الآخر بل وعلى جميع الأطراف الموجودة ثانياً، و تبرز مدى قوة و تمامية و أرجحية أدلة أو دليل الطرف الغالب على باقي الأدلة المطروحة في الساحة ثالثاً من هنا يتبين لنا سبب اهتمام السماء بقضية المناظرة العلمية بعد أن تتوفر لها المقدمات المطلوبة لانعقادها، ففي قراءة موضوعية لمسار التاريخ نجد أن نبينا الكريم قد التزم بعدة مقدمات أولها الأخلاق الفاضلة و وسطية الأسلوب و احترام رأي المقابل و طرح الدليل الذي يشد عضد رأيه حتى يتمكن من إثبات صواب رأيه و قوة حجته كي يتمكن من إقناع المقابل و جعله يرضخ بالأسلوب البلاغي و الكلمة الطيبة و الاستدلال الصحيح على أحقية قضيته لا بالقوة و الشتم و السب و الاستهزاء بالمقابل و برأيه و حجته مهما كان هذا المقابل ومهما كان توجهه فهذا هو الأسلوب الناجع في المناظرات العلمية لكن ومما يؤسف له أن ما نراه اليوم من تهجم لا أخلاقي و تعدٍ غير علمي بل هو أسلوب العاجز و نقاشه العقيم الذي لا يستند إلى الحقيقة و المصداقية في طريقة الحوار العلمي بل جله خروج على الموروث النبوي الأخلاقي و انقلاب على قيمها و مقدماتها الشريفة التي أسس لها الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و جعلها مادةً أساس في إقامة مثل هكذا حِوارات علمية فكرية فلا عجب أن يصدر مثل هكذا أسلوب بعيد كل البعد عن قيم الأصالة العلمية و مبادئ الحوار الأخلاقية من أرباب المنابر الذي يتقمصون دور القديس المُصلح وفي الحقيقة هم أعجز من الذباب في الوقوف بوجه ما يمرُّ به الشباب اليوم من مآسي لا حصر لها و كأنه قطيع وقد أحاطت به الذئاب البشرية المفترسة من كل حدب و صوب فأصبح فريسة سائغة لتلك الذئاب فهذه المخدرات و تنظيمات التكفير و الإرهاب و مستنقعات الرذيلة و الفساد و الجريمة بشتى أشكالها تعصف بالشباب وما من ضمير روزخوني يتحرك ؟ وما من قرد منبر نزا على منبر رسول الله يصدح صوته يدعو فيه أصحاب القرار بمختلف عناوينهم بأن ينقذوا شبابنا من مخاطر تلك الآفات التي تفتك بهم ليل نهار ؟ لكن لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمَنْ تنادي فمادام الدولار و الدرهم قبلتهم و خدمة أعداء الإسلام و دور الراقصات قبلتهم فلا خير فيهم وفي كلامهم المعسول ومن على منابر صوت الباطل و داعية الفساد في المجتمع فلا ريب أن نسمع منهم و التلفيق و الأكاذيب التي يتبعها النفاق و التدليس وكما نوه لذلك المحقق الحسني بإحدى حكمه الرسالية قائلاً : ( إن العاجز عن المواجهة العلمية يلجأ إلى الأساليب البهيمية من سُباب و طعن و تجريح و تسقيط و هذا هو سلاح العاجز وقد أُتبع معي منذ سنين ) . فنقول لهؤلاء المستأكلين باسم الدين اتقوا الله في عباد الله تعالى المصلحين فمَنْ بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم .
بقلم الكاتب احمد الخالدي