المحقق الصرخي : الشيوعية لم يحالفها الحظ في تشخيص الداء .
كانت وما تزال المشكلة الاجتماعية العالمية من الصعاب التي تفاقمت مؤخراً فأصبحت موضع اهتمام الكثير من الأجناس البشرية من أفراد وبمختلف عناوينهم الاجتماعية و المعروف في الأوساط الاجتماعية و أيضاً فهذه المعضلة قد شغلت حيزاً كبيراً بين العلماء و الفلاسفة و أيضاً الأنظمة الجديدة في المفهوم العالمي في هذا المجال، فمع ما أحدثته هذه الآفة الخطرة وما نتج عنها من مخاطر وخيمة على الواقع الإنساني و التي لا تحمد عقباها فقد سقطت تحت منظار التفكير النظامي للعديد من تلك الأنظمة التي أشرنا إليها سابقاً فكان النظام الشيوعي أبرزها وقد قدم الدراسات و أعطى المقدمات و الأدوات التي يظنها أصحابه بأنها تمثل الحيل الأنسب في علاج المشكلة الاجتماعية و أن ما أعطاه للإنسان يمكنه التخلص نهائياً على مظاهر الفساد الأخلاقي و الاجتماعي وفي الحقيقة نرى أن كل ما جاء به الشيوعي لا يختلف كثيراً عن كل الحلول التي ظهرت عند سابقيه ؛ لماذا ؟ لان وجه التشابه القائم في الفكر و العقل بينه و بين الذين جاؤا من قبله كلها تدخل في خانة واحدة لأنهم كلهم بشر فالعقل واحد لكن الأسلوب متعدد و المنهج متعدد فكانت النتائج مختلفة وهذا ليس بالغريب على مَنْ لا يمتلك العقلية الناضجة و المتمكنة في إدارة الأزمات و يمتلك أيضاً الاستيراتيجية الناجعة في الخروج منها و بأدنى الخسائر، فبسبب غياب الوعي المثقف عند الفرد و ميوله القريبة من تحقيق الذات و بناء الشخصية التي تؤمن بالحرية المطلقة و المتحررة من القيود سواء الدينية و العرفية و الاجتماعية ومع التقدم العلمي و التكنولوجي و ثورته التي جعلت منه سهل الاقتناء و الاستعمال فأصبح في متناول اليد ولكل مَنْ يرغب في ذلك فقد تأزمت الأحوال و كثرت وسائل الفساد و انتشرت بين الشباب مظاهر الانحلال و التميع و الإدمان على المخدرات و قضاء الأوقات الطويلة في دور الرذيلة و الانخراط في عالم الجريمة و الجريمة المنظرة للعصابات الإرهابية فقد تفاقمت المشكلة الاجتماعية إلى الحد الذي لا يُطاق فجاءت الشيوعية لتضع حداً لكل هذه الأوضاع المتردية يوماً بعد يوم لكن هل يا تُرى أفلحت في القضاء عليها نهائياً ؟ فعندما نبحث في قاله الباحثون في مجال الفلسفة و الدراسات العلمية للأنظمة الحديثة فقد نخرج بمحصلة نقف فيها على مواطن الخلل لتلك الأنظمة كالشيوعية ؛ لأنها أخفقت في علاج الأهم قبل المهم مما زاد في الطين بله وكما أشار لذلك المحقق الحسني في بحثه الفلسفي الموسوم فلسفتنا بأسلوبٍ و بيانٍ واضحٍ الحلقة الأولى فقال : ( فالعلاج الشيوعي و إن كان تتمثل فيه عواطف و مشاعر إنسانية أثارها الطغيان الاجتماعي العام، فأهاب بجملة من المفكرين إلى الحل الجديد غير أنهم لم يضعوا أيديهم على سبب الفساد ليقضوا عليه، و إنما قضوا على شيءٍ آخر، فلم يُوفَّقوا في العلاج، ولم ينجحوا في التطبيب، فالشيوعية قضت على حرية الإنسان المعيشية، فهو على منهجها قد حُرِمَ من حرية المعيشة و ربطتها بمفهوم هيئة معينة لا تتوافق مع ما يطمح إليه مع أن الحرية الاقتصادية هي من أساس الحريات التي أقرتها السماء و الدساتير الوضعية ) .
بقلم الكاتب احمد الخالدي