فلسفتنا بأسلوبٍ و بيانٍ واضح : التصادم و التصارع بين الفرد و المجتمع
من المتسالم عليه أن المجتمع يتكون من نواته الأساس ألا وهي الأسرة و التي تتكون بدورها أيضاً من نواتها الأساس وهو الفرد إذاً هذه المنظومة الإنسانية المتكاملة هيكلياً بعضها يقوم على بعض فمن غير الممكن أن نتوقع أن يقوم بينها الصراع أو التصادم بسهولة ومن دون وجود العلة التي قد ينتج بسببها نقاط الاختلاف في وجهات النظر وهذا بدوره سيولد حالةً من الاحتقان و التباين في الآراء التي يتمسك بها سواء الفرد أو المجتمع، فمع تقدم عجلة الحياة و ظهور العديد من الأنظمة التي استغلت الفرص السانحة لها و توفر الأرضية المناسبة لنشر أفكارها و تغلغلها في النفوس و العقول و تحقيق أهدافها التي تعود عليها بالمكاسب الكثيرة بعد أن تتمكن من إيجاد موطئ قدم لها في الأسرة و المجتمع، فعندما بدأت بوادر هذه الأنظمة كالرأسمالية و الشيوعية و الماركسية و الاشتراكية تعزف على الوتر الحساس و خاصة الحياة الاجتماعية بدأت تلوح في الأفق عواقب وخيمة و بدأ معها الواقع الاجتماعي يتدنى يوماً بعد يوم فأصبحت حديث الشارع ؛ لأنها ظهرت بشخصية الغول المتوحش الذي يريد أن يستولي على كل مظاهر الحياة الاجتماعية وهذا ما يسمى في عرف الفلاسفة و الباحثين بالمشكلة الاجتماعية التي لا زالت تلقي بضلالها على كاهل الفرد و المجتمع فرغم أن النظام الرأسمالي و الشيوعي كانا من أبرز المتصدين في الساحة و نظراً لما يؤمن به كلاهما من وجهات نظر يختلف بعضها عن بعضها فلو أمعنا النظر في أبرز أهدافهما لوجدنا الاختلاف الشاسع بينهما، فالرأسمالي قام على أساس رفاهية الفرد و زيادة و حماية منافعه الذاتية، بينما نجد أن الشيوعية قامت على جوهر إفناء الفرد في المجتمع و جعله لا قيمة له أمام المصلحة العامة فبسبب هذا الاختلاف الجذري بين الطرفين فقد وقع ما لا يُحمد عقباها و برزت على إثر ذلك التباين العديد من الصِعاب أهمها التصادم و التصارع بين الفرد و المجتمع فبرزت الكثير من المشاكل و المآسي التي سقطت على إثرها الحقوق و الحريات الفردية و المصالح المجتمعية وقد تطرق لذلك الأستاذ المعلم الحسني في كتابه الشهير فلسفتنا بأسلوبٍ و بيانٍ واضح الحلقة (1) الذي صدر في الآونة الأخيرة قائلاً فيه : ( فكأنه قد قُدِّرَ للشخصية الفردية و الشخصية الاجتماعية – في عرفين هذين النظامين – أن تتصادما و تتصارعا فكانت الشخصية الفردية هي الفائزة في أحد النظامين ( وهو الرأسمالي) فمُني المجتمع بالمآسي الاقتصادية التي تزعزع كيانه و تشوه الحياة في شُعبها، و كانت الشخصية الاجتماعية هي الفائزة في النظام الآخر ( الشيوعي ) فساند المجتمع و حكم على الشخصية الفردية بالاضمحلال و الفناء، فأصيب الأفراد بمحنٍ قاسية قضت على حريتهم و وجودهم و حقوقهم الطبيعية في الاختيار و التفكير ) .
نتائج متوقعة من هذين النظامين لان كل منها يغني على ليلاه، و يسعى بكل الوسائل المادية و غير المادية بجذب الانصار و التابعين حتى يتمكن من تحقيق الأهداف و الغايات التي جاء من أجلها ولو كان ذلك على حساب مصير الفقراء و المحرومين .
بقلم الكاتب احمد الخالدي