مصطفى البياتي
إنَّ في النفْسِ البشَرِيَّة شيءٌ كامنًا وهو الفِطْرة السليمة التي فطَرَ اللهُ الناسَ عليها،
ومعناها الخصائص التي إنْ عرفْتْ اللهُ -عَزَّ وجلّ- تفاعَلَتْ وعَمِلَتْ؛ لأن الإنسان بطبيعتهِ مخلوق ضعيف فما أن يذكر الله إلا واطمأنت نفسه والإنسان بطبيعتهِ غافلاَ عنها,فهو بحاجة إلى التذكير ليتذكرها وبعبارة اٌخرى كما يصفها أحد الحكماء للبشرِ حالتان حالة يكون فيها جاهلاَ وحالة يكون فيها نائمًا فكثيرًا ما يحدث ألا يكون الإنسان على علم بما يدور حوله فهو مستيقظ ولكن لايعلم وتارةَ يكون فيها على علمٍ بما يدور حوله ليس لأنه يعرف بل لأنه نائمًا فهو يعرف كثيرًا من الأمور ولكنه واقع تحت تأثير حالة لايستطيع الاستفادة مما يعرف.وهذا مايعرف بالنوم الحقيقي إلا أنَّ هناك نوعًٌ آخرٌ من النوم وهو نوم الغفلة، فالله تعالى في خطابه للرسول -صلى الله عليه وآله- يقول: ياأيها النبي لاتظن أنك تواجه الجاهل فحسب، بل تواجه الغافل أيضًا فاحمل الجاهل على التفكر والغافل على التذكر والناس يغفلون أكثر مما يجهلون أنّهم نائمون فايقظ النيام ونبه الغافلين فإنهم إذا تنبهوا ساروا واستنهض مشاعر الناس النائمة؛ ولذلك لايوجد في الإسلام إجبار على الإيمان قال تعالى ((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ)) الآية (21) سورة الغاشية.
يذكر علماء النفس أنَّ كلَّ إنسانٍ يصاب باضطراب داخلي هو نتيجة مخالفة الفطرة التي خلق عليها والذي ينعكس تمامًا على توجهاته وابتعاده عن الله وعليه لابد من توجيههِ وتذكيرهِ ويلخص هذا المعنى المحقّق الصرخي في رسالته العملية :المنهاج الواضح، كتاب الصوم،
يذكر فيه قائلاَ:-(إنَّ الإيمانَ باللهِ والشعورَ الغريزي العميق بالتطلع نحو الغيب والانشداد إلى المعبود لابد له من توجيه وتسديد وتحديد الطريق والسلوك المناسِب لإشباع هذا الشعوروتعميقه وترسيخه، لأنّه بدون توجيه سيُضْمَر هذا الشعور وينتكس ويمنى بألوان من الانحراف والشبهات مما يؤدي إلى ارتباط غير صحيح وإلى إيمان ضعيف وإلى شعور وتطلع إلى الغيب ليس له حقيقة فاعلة منتجة في حياة الإنسان؛ فيكون الإنسانُ غيرُ قادرٍ على انتاجية طاقته الصالحة الدينية والعلمية والأخلاقية) .