مصطفى البياتي
من نعم الله على الإنسان أن كرمه على باقي المخلوقات بالعقل وبعث له الرسل وقد جرى الثواب والعقاب على ذلك حيث جاء في كتاب الله-عزوجل-( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الآية 3من سورة الإنسان
وبهذا فقد جرت سنن الله تعالى في خلقه بحيث لايبقى عذرًا لإنسان بعد الممات أن يقول ربي ارجعني أعمل صالحًا لعلي أرضيك لكن هيهات بعد فوات الأوان.
إنه إمتحان للإنسان ولايوجد فيه دورًا آخرًا كما في الإمتحانات الدراسية الدنيوية لأن الله تعالى أعرف بخلقه فهو يمنحه الوقت الكافي ليتخذ مايريد من عمل يتزود به لذلك اليوم بعد أن يرسل له الرسل ليرشده إلى الطريق الصحيح فمن أبى وتكبر فذلك هو الخسران المبين.
إن المعاصي التي يقترفها الإنسان في دنياه تجعل بينه وبين خالقه حاجزًا يحول دون تزوده بالأعمال الصالحة فكلما كان الإنسان سيء الخلق إنعكس ذلك على تصرفاته فتتراكم الشوائب ويسود الظلام على قلبه فيبقى أعمى البصيرة ولهذا وجب عليه التخلص من هذه الرواسب عبر التحلي بفضائل الأخلاق وتهذيب النفس شيئاً فشيئاً.
ينصح المحقق الصرخي قائلاً( علينا العمل على تصفية النفس من رواسب الذنوب وذلك بالأعمال الصالحة الباعثة على توفير رصيد الحسنات وزيادته وبالتالي تلاشي السيئات ولا يكفي مجرد قول استغفر الله )[مقتبس من كلامه في كتاب الطهارة] كما دعا إلى أن تقترب النفوس وتتحد تحت عنوان جامع يرجع إلى ثوابت الإسلام حيث قال (نحتاج إلى مراجعة للنفس وتهذيب الفكر وإعادة قراءة التاريخ بإنصاف وحكمة حتّى نتعظ مما حصل وتقترب الأفكار والنفوس وتتحد تحت عنوان جامع يرجع إلى ثوابت الإسلام ومبادئ الإنسان والأخلاق.) جاء ذلك من خلال التفاته له من مقتبس لرسالته التوعوية.
إن علة ربط العنوان بالمحقق الأستاذ ليس لقلة النصائح التي قدمها الرسل والأنبياء وعباد الله الصالحين في كل عصر وإنما الواجب الشرعي المكلف به يتحتم عليه تقديم النصيحة الأبوية والأخوية في عصر يعيشه هو بين الناس ومن باب حق المسلم على المسلم.
أيها المسلم أيتها المسلمة إن أغلى شيء يباع ويعطى كهدية هو النصيحة فهذا أمير المؤمنين الإمام علي -عليه السلام- يقول (رَحِمَ اَللَّهُ اِمْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى وَ دُعِيَ إِلَى رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً اِكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اِجْتَنَبَ مَحْذُوراً وَ رَمَى غَرَضاً وَ أَحْرَزَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ جَعَلَ اَلصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ وَ اَلتَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ رَكِبَ اَلطَّرِيقَةَ اَلْغَرَّاءَ وَ لَزِمَ اَلْمَحَجَّةَ اَلْبَيْضَاءَ اِغْتَنَمَ اَلْمَهَلَ وَ بَادَرَ اَلْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ اَلْعَمَلِ ) نهج البلاغة (76).
فتوكل على الله واغتنم الفرص فإنها تمر كالسحاب فلا يكفي الجلوس دون عمل وتزود من التقوى قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولاخلال.
https://c.top4top.net/p_8143xqpi1.png https://c.top4top.net/p_9512uadb1.png