مصطفى البياتي
لاشكَ في أنْ مايتعرض له المجتمع الإسلامي حاليًا من تخبُّطٍ وفوضى في السلوك والأخلاق تقتضي خلق حالة من التبادل بين كمال الروح والرقي بها وبين تلك المسالك الصحيحة التي خطها النبي- صلى الله عليه واله وسلم- وضرورة معرفة الحق من الباطل؛ لأن عدم التمييز بينهما يعني الجهل بالقوانين السائدة في الطبيعة وعدم القدرة على بناء الدولة العادلة التي أرادها الله تعالى لعباده ونتيجة لذلك أنَّنا إنْ لم نعرف- في الحياة الفردية والإجتماعية- المبادىء والضوابط الأخلاقية، يستحيل علينا بناء الذات والمجتمع.فالأمم التي تريد بناء حضارتها عليها ان تقتبس من تراثها ماينير دربها وماخطه عظماءها، ففي التاريخ عظماء سطروا أروع الأمثلة على بناء المجتمع واقامة الدولة ومن هؤلاء النبي الاكرم- صلى الله عليه واله وسلم- الذي انقذ مجتمعا كان يعبد الاصنام ويسود فيه رذائل وأدّ البنات وغيرها من الموبقات الى مجتمعا يسود فيه العدل والانصاف ولافرق بين أسود وأبيض وبين رجل وأمرأة ولذلك فإنَّ التكاملَ الأخلاقيَّ لايتحقق إلَّا ضمن حدود الحقِّ وفي إطاره والتخلي عن الرذائل، ويصف ذلك الإمام علي- عليه السلام- الذي اقترن اسمه بالحق والعدالة وكل معاني الخير والصفاء بقوله( كتاب ربكم فيكم مبينا حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله قد أوضح لكم سبيل الحق، وأنار طرقه، فشقوة لازمة، أو سعادة دائمة وكما قال المحقِّقُ الصرخيُّ في بحثه الأخلاقي- السير في طريق التكامل:-( الثابتُ عقلًا وشرعًا أنَّ النفسَ المجردة باقية ابدًا بعد مفارقتها لِلبدنِ، ونتيجتها أمّا متنعمة دائمة أو معذَّبة دائمًا، والتذاذها وتنعمها يتوقف على ما تحصل عليه من الكمال والسمو، ومراحل كمالها من الناحية النظرية: هي الاحاطة بحقائق الموجودات ثم الترقي منها الى معرفة الله سبحانه وتعالى والوصول الى مقام التوحيد الخالص، من الناحية العلمية: هي التخلي عن الصفات الرذيلة والرديئة والتحلي بفضائل الاخلاق المرضية ثم الترَقّي منه الى الإيمان بالغيب بصورة مطلقة وعملية تطهير السر عما سوى الله وهذا معناه: إنّ النفسَ لاتكون مستعدة للترقي في المقامات والفيوضات الإلهية ولاتصل الى السعادة الأخروية مالم تحصل لها التخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل، فالأخلاق الرذيلة تحجب المعارف الالهية عن النفس كما تحجب الأوساخ من ارتسام الصور على المرآة)
https://f.top4top.net/p_760xyx9t1.jpg