مصطفى البياتي
لاشكَ أن وظيفة الأنبياء والمصلحين هي أفضل وظيفة خصهم الله تعالى بها وفضلهم على عباده، فهم كما وصفهم اهل العلم تركوا كل ما يتعلق في هذه الحياة؛ وأقبلوا على الآخرة يشترونها بكل ما في الحياة من عرَض زائل وهم يعلمون علم اليقين أنه ما من مصلح يقوم في أمة جاهلة غبية إلا شوهت سمعته؛ وطعنت في دينه، واتهمتْه في عقيدته وما من أمة إلا حملها طغيانها وعنادها وحرصها على ما كان عليه الآباء والأجداد على عداوة رسولها، وتكذيبه والتنكُّر له، والإعراض عن نصحه، ورميه بكل ما يتسع له جهدها من ألفاظ السفه والفجور.
يقول الله تعالى :((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا))الاية 31 من سورة الفرقان
ففي هذه الاية يخبرنا المولى عز وجل ان سننه جارية وماضية في الامم السابقة فلا تأبه ايها النبي لما يقول مبغضيك وحاسديك فان الله تعالى ارسل الرسل والانبياء والمصلحين لهداية الناس لكن ائمة الظلالة واعداء الدين من بشر وشياطين رفضوا دعوة الحق وخدعوا الناس الاخرين معهم فمن سار في ركب المصلحين نجا ومن ركب مع الشياطين هلك .
ولذلك تجد ان كل مصلح يطرح دعوته لهداية الناس اعترضه اعداءه من شياطين الانس والجن ليلبسوا على الناس دينهم ولاينجوا من غوايتهم الا من اخلص لله تعالى ايمانه وعمله وهذا مااكده المحقق الصرخي في رسالته الاستفتائية قائلاً:(لكل نبي ولكل امام ولكل مصلح عدو من شياطين الانس والجن ولايخفى عليك ان العدو لايدعو الى الباطل والى الشيطان بصراحة وبيان معلن,بل يلبس الحق بالباطل والباطل بالحق فيخدع الناس ويحرفهم عن الخط والنهج المبين, ولاينجو من المخادعين الا من اخلص لله رب العالمين وسار في نصرة الحق واهله المعصومين عليهم السلام.
وقد اشار الامام علي عليه السلام الى كيفية هلاك الامم السابقة قائلا:
(فَإِنّما أَهَلَكَ مَن كانَ قَبلَكُمْ أَنَّهُمْ مَنعُوا النّاسَ الحَقّ فاشتَرَوهُ، وَأَخَذُوهُم بالباطِلِ فَافْتَدَوهُ)
وعليه فانه من الضروريات ان يميز المرء بين دعاوى الشيطان واتباعه من ائمة الضلال وبين دعوى الحق فلا يكفي رفع الشعارات بل يجب السعي للعمل بالواقع وتحقيقه وتطبيع الحق في النفوس.
https://a.top4top.net/p_7616j2z21.png