معاني التقوى والاعتدال عند الإمام علي جسدها المحقق الصرخي
بقلم احمد الحياوي
الحقيقة أن موضوع التقوى مضمون قرآني محض جاء به الإسلام فكرًا مجسدًا بتقوى وبسلوك عملي، لأن التقوى يعني امتزاج نظرية وتطبيق، وهذا واحد من أسرار عظمة هذا الفكر القرآني في حياة الإمام أمير المؤمنين-عليه السلام- وأصبح قدوة للمسلمين وإمامًا للمتقين في فكره ونهجه القرآني، حيث يقول: (وَإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى، لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ، وَتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ وَلَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ وَنَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الْأَطْعِمَةِ، وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ، أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى، وَأَكْبَادٌ حَرَّى)فهل تساءلنا أين نحن من هذا الإمام العادل التقي الذي لم يجامل أهل الباطل ولم يتخذ الفقراء سلماً ليرتقي على ظهورهم أليس علي مع الحق والحق مع علي فهل الحق في زماننا هذا أكلته الضباع وهل الشجاعة والمروءة والقيم تقف عند علي-عليه السلام- وشخصه فقط .وإذا قلنا نعم وهذا أكيد وإذا قلنا لا..؟ فأين المعاني والاعتدال وأين مال الفقير لماذا العراق صار لقمة رخيصة لماذا شبابه زهقت أرواحهم لماذا التهجير لماذا الحقد والكراهية ؟ فهل هذا أسلوب وأخلاق علي-عليه السلام- ونحن نتصارع من أجل البقاء ووقعنا بين مصيدتين أو مطرقتين هم تجار الدين والسياسة وتجار الدين أخطر وأشنع من السياسي الذي لربما يصطاد لفترة سنوات إما المعمم فيستئكل حق اليتيم با اسم العمامة إلى أن يلقى حتفه ؟؟
فمتى تنعم تلك النفس العاصية بالكمال الوجداني وتتبع الحق والعدل الذي أسسه أمير المؤمنين ؟ يقول الفيلسوف العراقي الصرخي .....ويبدأ بكلام الله تعالى....
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿10﴾ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿11﴾ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿12﴾ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿13﴾ سورة الصف.
أقول: ما هي التجارة؟ الإيمان بالله وبالرسول والجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس، ما هي النتيجة؟ يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم، انتهت التجارة، انتهى العقد التجاري، بيع وشراء، أخذ وعطاء، إلى هنا انتهى، لكن لاحظ الشاهد القرآني، والمعاني القرآنية، انتقل إلى تجارة أخرى، و قضية أخرى في مقابل القضية الأولى، في مقابل التجارة الأولى، يقول- سبحانه وتعالى-: (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)) هذه بشارة أخرى، ما هذه المعاني السامية الراقية الرسالية المتضمنة للوعد وللوعود الإلهية الصادقة.
مقتبس من المحاضرة {8} من بحث: (الدولة..المارقة...في عصر الظهور...منذ عهد الرسول- صلى الله عليه وآله وسلّم-) تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي لسماحة السيد الأستاذ الصرخي الحسني- دام ظله-17 صفر 1438 هـ - 18 /11 / 2016م
لايسعنا في هذه المناسبة المباركة وهي عيد العدير إلا أن نقول:
غديرُ خمّ شهدَ البيعةَ الكبرى
اعتلى المنبر الخاتم الهُمام، رفع يده ومسك بالأخرى يد الإمام، هتف بصوته الحنون: يا أيّها العوامّ، أنا مولاكم بأمر الله بالتمام، وقَولي حجّة فعليٌّ مولاكم بعدي فبلّغتُ والسلام، فما بلّغتُ رسالة ربّي إن لم أصرّح لكم بهذا الكلام، فضجَّ غدير خمّ بالولاء بجمعه، بخّ بخّ لك يا عليّ، قالها الصحابة الكرام، وتصافح المؤمنون وتعالت أصواتهم بالوئام، فلأجل الذكرى العطرة هذه نهنّئ الرسول الأعظم بها وآله لاسيَّما القائم منقذ الأنام، والأمّة الإسلاميّة والسيّد الأستاذ المهندس الصرخيّ الحسنيّ.
١٨ ذي الحجّة عيد الله الأكبر