عَلِيٌّ وَعُمَر إمَامَةُ نُبُوَّةٍ وَمُلْكٍ (قَضَاءٍ وَحُكْم)..طُولًا أو عَرْضًا.. المفكر الإسلامي الصرخي محققاً
بقلم-الكاتب احمد الحياوي
قول الله تبارك وتعالى: ﴿رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّة بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾، فإنه سبحانه وتعالى بمقتضى عدله لا يعذب أو يعاقب حتى يتم البيان والحجة على العباد، وذلك بإرسال الرسل والأنبياء-عليهم السلام- . إنّ النبوّة هي رتبة لمن يتلقّى أخبار الغيب ليوصلها إلى الناس, والرسول هو: النبيّ الذي يأتي بشريعة خاصّة بوحي يوحى إليه؛ فهو أرفع مكانةً من النبيّ.. هذا عند أهل الاصطلاح, وقد يستعمل كلّ منهما في مقام الآخر تسامحاً ومجازاً.
وأمّا الإمام فهو: من كانت له مهمّة التطبيق وقيادة المجتمع البشري وتنفيذ الوحي، فهو أعلى رتبةً من النبيّ والرسول, وممّا يدلّ عليه - على سبيل المثال لا الحصر - أنّ الإمامة أعطيت لإبراهيم-عليه السلام- بعد مدّة طويلة من نبوّته ورسالته، وبعد خضوعه-عليه السلام- لأوامر امتحانيّة صعبة: (( وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً )) (البقرة:124), والمتيقّن: أنّه-عليه السلام- كان نبيّاً ورسولاً قبل هذه الامتحانات لتلقّيه الكلمات من ربّه وحياً. نقول بتقدّم رتبة الإمامة على النبوّة - بالأدلّة المقرّرة في محلّها - والوحي من خصائص النبوّة, فلا يرد علينا أنّه: لماذا لم تشتمل الإمامة على مختصّات النبوّة؟
وبعبارة أوضح: إنّ الاستدلال في المقام يبتني على تقديم الإمامة بكافّة مميزاتها على النبوّة بجميع مواصفاتها، ومنها: نزول الوحي, فلا معنى حينئذٍ - وبعد تمامية الأدلّة - أن نقول: لماذا لم يكن الإمام متّصفاً بصفة النبيّ, إذ لو كان كذلك كان الإمام نبيّاً, فلا يبقى مجال للبحث والاستدلال. هذا, والتحقيق: أنّ مجرّد قابلية نزول الوحي لا تدلّ على أفضلية النبيّ على الإمام, إذ أنّ الخلافة الإلهية على الأرض - والتي هي أعلى الرتب والمناصب وأقربها إلى الله-عزّ وجلّ - تتمثّل في الإمامة, فالاستخلاف عن الله تبارك وتعالى أعلى درجة من تلقّي الوحي, ألا ترى أنّ الأنبياء والأئمّة-عليهم السلام- هم أرقى شأناً من جبرئيل-عليه السلام- الذي يأتي بالوحي؟!
فيتّضح لنا، أنّ مجرّد الوسيط بين الخالق والمخلوق في إيصال الوحي لا يدلّ على تقديمه على الإمامة التي هي مقام النيابة عن الله -عزّ وجلّ- في قيادة المجتمع وهدايته.ومن الذين قادوا الأمة الاسلامية وحافظوا عليها هما علي وعمر رضوان الله عليهم اللذان لم تفرقهما المصالح ولقصور والأموال إلا الشهادة في سبيل الله ورسوله وقد رضي الله عنهم والمؤمنين وعن حبهما لبعضهما هناك سطور ومنها ..
في بشارة المصطفى، عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب: ((أحبّوا الأشراف وتودَّدوا إليهم واتَّقوا أعراضكم من السفلة، وأعلموا أنَّه لا يتم لأحدٍ شرف إلا بولاية علي بن أبي طالب وحبه))(2).
وكم هناك من خطب لعليّ، المنقولة في (نهج البلاغة) التي تدل على نفس المعنى بأن الفاروق كان سبباً لعز الدين، ورفعة الإسلام، وعظمة المسلمين، وتوسعة البلاد الإسلامية، وأنه أقام الناس على المحجة البيضاء، واستأصل الفتنة، وقوم العوج وأزهق الباطل، وأحيا السنة طائعاً لله خائفاً منه، فانظر إلى ابن عم رسول الله ووالد سبطيه وهو يبالغ في مدح الفاروق، ويقول:
"لله بلاد فلان، فقد قوم الأود، وداوى العمد وخلف الفتنة، وأقام السنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي بها الضال، ولا المستيقن المهتدي" (نهج البلاغة) تحقيق صبحي صالح (ص350) (نهج البلاغة) تحقيق محمد عبده (2 /322).
إذن هذان القائدان كانا عظيمان واشرف الملوك قولا وفعلا متعاونان في القضاء والأمر بالمعروف واحقاق الحق والعدل للإسلام وللرسول كما جمعتهم روابط إلهية واجتماعية هما إماما الخلافة والحكم في حوائج الناس والمستضعفين ليس كما يحصل اليوم من خرافة وأساطير وسب وطائفية والحاد وأصنام حقيقية ترتدي زي وشكل الدين لتستبيح الدماء وتدلس وتقتل باسم العقيدة والمولاة للحق وهي باطلة مجردة من كل القيم والأعراف السماوية ...يقول أستاذ التاريخ المفكر الإسلامي المعاصر الصرخي في بحثه المبارك ...
1ـ [عَلِيٌّ وَعُمَر(عَلَيْهِمَا السَّلَام)..إمَامَةُ نُبُوَّةٍ وَمُلْكٍ(قَضَاءٍ وَحُكْم)..طُولًا (أو عَرْضًا)]
[تَأْسِيسُ العَقِيدَة...بَعْدَ تَحْطِيمِ صَنَمِيَّةِ الشِّرْكِ وَالجَهْلِ وَالخُرَافَة]
جَاءَ فِي القُرْآن الكَرِيم: {قَالَ...مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ* قَالُواْ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَٰبِدِينَ....قَالَ..تَٱللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصۡنَٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّواْ مُدۡبِرِينَ* فَجَعَلَهُمۡ جُذَٰذًا....قَالَ أَفَتَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمۡ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمۡ..أَفَلَا تَعۡقِلُونَ}
أـ لِلضَّرُورَةِ، نَتَوَقَّفُ قَلِيلًا عَن الكَلَامِ فِي تَكْسِير وَثَنِيَّةِ الجَهْلِ وَالبِدْعَةِ وَالخُرَافَة، كَالقُبُورِ وَالطُّقُوسِ المُبْتَدَعَة.
بـ ـ يُمْكِنُ لِلمُنْصِفِينَ العُقَلَاء تَكْمِلَةُ البُحُوثِ وَالتَّوسِعَةُ فِيهَا، بِالاِعْتِمَادِ عَلَى مَا تَـمَّ تَأْسِيسُهُ وَتَأْصِيلُهُ فِي طَرِيقِ المَنْهَجِ القَوِيمِ وَالمَنْطِقِ الوَاضِح، وَمِنَ اللهِ التَّسْدِيدُ وَالتَّوْفِيق.
جـ ـ بَعْـدَ تَحْـطِيـمِ صَنَمِيَّةِ الشِّرْكِ وَالجَّهْلِ وَالخُرَافَة، لَا بُـدَّ مِن تَأْسِيسِ العَقِيدَةِ؛ المُدْرَكَـةِ بِالعَـقْـلِ، المُـوَافِـقَـةِ لِلـشَّـرْعِ، الضَّابِـطَـةِ لِلأَخْـلَاقِ الفَاضِلَة.
دـ سَـنَخْتَصِرُ وَنَكْتَفِي بِتَـنْبِيهَاتٍ وَاسْتِفْهَامَاتٍ وَإشَارَات.
هـ ـ لِـتَتَهَيَّأ العُقُولُ وُالنُّفُوسُ المُنْضَبِطَةُ، لِلتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ وَتَقَبُّلِ المَقَالِ، ثُـمَّ التَّأْسِيس وَالبِنَاء، وَاللهُ المُسْتَعَان.
1ـ [عَلِيٌّ وَعُمَر(عَلَيْهِمَا السَّلَام)..إمَامَةُ نُبُوَّةٍ وَمُلْكٍ(قَضَاءٍ وَحُكْم)..طُولًا (أو عَرْضًا)]
جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ العَزِيز: {أَلَمۡ تَـرَ إِلَى [ٱلۡمَلَإِ] مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ...[مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰٓ]...إِذۡ قَالُواْ لِــ [نَبِيّٖ لَّهُمُ] ٱبۡعَثۡ لَنَا [مَلِكًا]}.....{قَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ [إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَكُمۡ طَالُوتَ مَلِكًا]...[إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰهُ عَلَيۡكُمۡ]...[وَٱللَّهُ يُؤۡتِي مُلۡكَهُ مَن يَشَآءُ]}[البقرة(246ـ 247)]
أـ الكَلَامُ عَن الإمَامَةِ(الخِلَافَةِ) الإلَهِيَّة وَليْسَ عَن إمَامَةِ القَهْرِ والجَبْرِ وَالمُلْكِ العَضُوض.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ): «أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ خِلَافَةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ عَضُوضٌ، ثُمَّ تَصِيرُ جَبْرِيَّةً وَعَبَثًا»[الفِتَن لِنعيم بن حماد]
بـ ـ يَتَّضِحُ مِن النَّصِّ القُرْآنِيّ؛ إنَّ "الإمَامَةَ الإِلَهِيَّة" الَّتِي تَحَمَّلَهَا مُوسَى(عَلَيْهِ السَّلَام) تَشْـتَـمِلُ "النّبُوّة" وَ "المُلْك"
جـ ـ مِن بَعۡدِ مُوسَىٰٓ قَـد تَفَرَّعَت (أو انْقَسَمَت) الإِمَامَةُ إِلَى: إمَامَةِ نُبُوَّةٍ(قَضَاء، تَشْرِيع، عِلْم)، وَإمَامَةِ مُلْكٍ(حُكْم، إِمَارَة، نِظَام)
دـ لِمَاذَا لَم يَتَصَدَّ النَّبِيُّ الإسْرَائِيلِيُّ لِلْمُلْكِ وَالحُكْمِ بِنَفْسِهِ؟!
. لِمَاذَا لَم يَطلُبِ المَلَأُ مِن النَّبِيِّ(عَلَيْهِ السَّلَام) أَن يَكُونَ مَلِكًا عَلَيْهِم؟!
. لِمَاذَا طَلَبَ المَلَأُ مِن النَّبِيِّ أَن يَجْعَلَ لَهُم مَلِكًا؟!
. هَل القُصُورُ فِي النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَام)؟! أو إنَّ القُصُورَ وَالتَّقْصِيرَ فِي المَلَإ، السَّادَةِ المَشَايِخِ الكُبَرَاء، وَالمُجْتَمَعِ مِن بَنِي إِسْرَائِيل؟!
. بِغَضِّ النَّظَرِ عَن الإِجَابَةِ، فَإنَّ النَّتِيجَةَ وَاحِدَةٌ، حَيْثُ صَارَ المُلْكُ وَالحُكْمُ والسّلْطَةُ لِغَـيْـرِ النَّبِيّ(عَلَيْهِ السَّلَام)
هـ ـ ....
المهندس: الصرخي الحسني
youtube.com/c/Alsarkhyalhasny
twitter.com/AlsrkhyAlhasny
youtube.com/c/alsarkhyalhasny
twitter.com/ALsrkhyALhasny1
instagram.com/alsarkhyalhasany