الإمام الهادي (عليه السلام ) نور لم يطفئه الطغاة
سليم العكيلي
لم تكن تخشى الطغاة عدد الجيوش الثائرة ولم تخش مدى ارتفاع الأصوات التي تنادي بسقوط دولتهم , فهي عادةً ما لديها من الجيوش والعدة والعدد ماتستطيع ان تواجه تلك الثورات وتسكت تلك الصيحات , ولكن همها الأكبر وخوفها الأعظم هو كيفية تعبئة وتربية وعقيدة تلك الجيوش بالاضافة الى القيادة المحنكة والمحركة لها , خصوصا إذا كانت تلك القيادة تتمتع بالعصمة والحنكة والذكاء , وخير شاهد على ذلك هي تلك التضحيات التي قدمها أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام ) واهل بيته الكرام في واقعة الطف حيث التسابق العظيم من أجل الدفاع عن عقيدتهم وامامهم المعصوم (عليه السلام ) وهم يستأنسون بالموت كاستئناس الطفل بمحالب أمه ,فأصبحت تلك الواقعة كالكابوس المرعب الذي لا ينفك عنهم وقد نغص معيشتهم واخذوا يحذرون من تكرار ذلك المشهد البطولي الذي يهدد عروشهم الظالمة بوجود أحد الائمة في وسط حكومتهم ودولتهم الظالمة , لذلك تجد أن أهل البيت (عليهم السلام) مبعدون معزولون دائما عن قواعدهم الشعبية , ودائما هم تحت الاقامة الجبرية , من قبل الطغاة والولاة الفسقة , وإمامنا علي بن محمد الهادي صاحب الذكرى (عليه السلام ) هو أحد الأئمة الذي عاش تلك العزلة و المضايقة الشديدة وابتعادة عن قواعده الشعبية من قبل الحكام الظالمين وأتباعهم , حيث عاصر امامنا الهادي (عليه السلام ) سبعة من طغاة بني العباس الذين كادوا له الحيل والمؤامرات للقضاء عليه والتخلص منه , وهم المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز واخرهم المعتمد , والذين سعوا الى اخماد نور الامام واطفاء مصباح فضله , حيث استخدموا مختلف الاساليب للنيل منه او من كرامته وتشويه سمعته لابعاد الناس عنه , منها نسب شرب الخمر اليه من قبل المتوكل , وبعد فشل جميع الحيل والمكر بالامام (عليه السلام ) وبعد ان وجدوه صابرا محتسبا لايثنى ولايضعف دسوا له السم في طعامه من قبل جلاوزة المعتمد ونفذوا جريمتهم الكبرى بحق الاسلام والانسانية , وعلى اثر ذلك السم استشهد امامنا مسموما مظلوما صابرا محتسبا , فعلى الامام الهادي نقول :
نكسو النفوس سوادًا في مآتمكم ***ونلطم الشور حزنًا، فهو عزاؤنا
يا هاديًا بالعلم يا بن الرسول الأكرم، أنت الإمام القدوة والعدالة والسلم، الوقار والهيبة شيمتك ووصفك صاحب الكرم، آثار النبوّة تجلّت بك، فالكلّ يشهد بها وآمن وسلّم، بشراكَ سيدي، مقامك شامخ في العلى لأنك السيّد الحسن الكلام وفيك فصاحة الكلم، فيا ليتنا كنّا معكَ سيدي فنحظى بتلك المعارف التي يندى بها لسانك الفصيح الأشمّ، يا علي بن الجواد يا أبا العسكري يا من تشرفتَ فأصبح الحفيد لك المهدي المكرّم، فلنندب ونؤبّن ونكسو الروح سواد الحزن لفقدك ولنشدو بتراتيل العزاء وبقصائد الشور والبندرية نلطم، ولنعزّي جدّك الأعلى المرسل الخاتم، وآله وصحبه الأطهار عليهم الصلاة منها الكثير؛ بل الأتمّ، والأمّة الإسلامية بأجمعها لاسيّما العلماء بالعمل والعلم، وفي مقدّمتهم سيد المحققين الصرخي الشهم.