للإلحاد ظواهر سلبية أنتجها الفكر المتطرف في فكر الفيلسوف الصرخي
سليم العكيلي
قال تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ )
الالحاد امر عارض وليس فطري ، فالله تعالى خلق الناس على الفطرة ، واشهدهم على خلقه حيث قال لهم ( ألست بربكم قالوا بلى ) الاعراف (172) وهذا هو الاقرار بعينه ، وكل انسان مهما كان يعتقد بعقيده فاسدة ، فأنه يقر في قرارة نفسه بوحدانية الله تعالى وبوجوده ، وإن لم يصرح بها ، وقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام ) حين سئل من قبل المفضل عن كيفية اثبات وجود الله تعالى فاجاب (عليه السلام في أوّله : « يا مفضل اوّل العبر والأدلّة على الباري جل قدسه تهيّئه هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه فانّك إذا تأمّلت العالم بفكرك وميّزته بعقلك وجدته كالبيت المبنى المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده فالسماء مرفوعة كالسقف والأرض ممدودة كالبساط والنجوم منضودة كالمصابيح والجواهر مخزونة كالذخائر وكل شيء فيها لشأنه معدّ والإنسان كالمملك ذلك البيت والمحول إليه جميع ما فيه وضروب النبات مهيأة لمآربه وصنوف الحيوان مصروفة في مصالحه ومنافعه ففي هذا دلالة واضحه على انّ العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وعلائمة وانّ الخالق له واحد وهو الذي ألّفه ونظّمه بعضاً إلى بعض جلّ قدسه وتعالى جده وكرّم وجهه ولا إله غيره تعالى عمّا يقول الجاحدون ... »
، اذن فالإلحاد هي قضية عارضة كما قلنا ، وقد تنشأ من اسباب نفسية او اجتماعية او سياسية ، كما يمكن ان تكون ظاهرة انعكاسية لبعض المواقف والتصرفات الخاطئة وغير الصحيحة التي تصدر من بعض رجال الدين والتعصب لها ، او ناتجة من فقدان حنان احد الابوين او كليهما واللذين لهما دور كبير في ترسيخ العقيدة في نفوس الابناء ، وقد اجريت العديد من الدراسات النفسية على عدد من الملحدين في مختلف انحاء العالم ، فوجدوا انها جاءت لاسباب نفسية ناتجة من تلك العوامل المذكورة ، ويتصور بعض الناس اليوم ان اللجوء الى الالحاد ربما ينتشله من تلك المشاكل والآلام التي تسببت له بها الحياة القاسية ،وانها سوف تتلاشى مع ما سوف تعطيه طبيعة الحياة الالحادية من حرية تامة ومساحة واسعة من الحصول على بعض المكتسبات المادية والجسدية والترفيهية وغيرها ، وهذا معناه ان الانسان سوف ينسلخ عن جميع قيمه ومبادئه واخلاقه واعرافه ، فالالحاد لادين له ومن لادين له لا امان له ، فالانسان الذي يتخلى عن اقدس العقائد واهمها من اجل الهروب من واقع الحياة التي انتجتها ايادي الناس انفسهم ، فلا يستبعد منه ان يرتكب افشح المنكرات ويفعل مختلف الموبقات ، ومن هذا المنطلق من الضروريات الدينية والاخلاقية والانسانية والشرعية والعلمية ، ومن اجل اعادة المجتمع الى محور الفكر والبناء والاخلاق الفاضلة ، فقد تصدى سماحة المحقق السيد الصرخي الحسني وبوصفه مرجعا دينيا اعلى ومفكرا اسلاميا معاصراً تصدى سماحة لتحمل اعباء هذه المسؤولية العظيمة، فقد اصدر سلسلة من البحوث الفلسفية والتي تتضمن موضوعات عصرية مهمة مترابطة ، تؤسس الى تحصين المجتمع تحصيناً فكريا لاسيما الشباب ، والذي اصبح ضحية المؤامرات العالمية ودعايات ممنهجة الغاية منها استقطابه واسقاطه في فخ تلك المؤامرات ، ونتج عن ذلك ان التجأ بعضهم الى الالحاد ، بينما سلك اخرون طرق الارهاب والمنظمات الاجرامية ، وبات الكثير منهم في فراغ فكري ، فاصبحت المشكلة مترابطة الاطراف ، كما وانه يعتبر هذا البحث تقويضاً للفكر الالحادي الذي شاع وتسرب الى المجتمع الاسلامي ، خاصة شريحة الشباب منهم ،ومنها بحث ( فلسفتنا باسلوب وبيان واضح ) والتي صدرت الحلقة الاولى منها وهي الاسلام ما بين الديمقراطية والراسمالية والاشتراكية والشيوعية ، والبحث الاخر هو ( الشباب بين اقصاء العقل وتوظيف النص الديني لصالح التكفير والارهاب ثم الالحاد )، اذن فالاديان السماوية هي جنة من النار وهي الوحيدة التي يمكنها ان تحقق السعادة للبشرية جمعا ، ولا يحق لنا ان نعكس التصرفات الشاذة والمنحرفة المتلبسة بلباس الدين على عقائدنا وايماننا وسلوكياتنا .