المحقق المعاصر ..الامام الكاظم ( عليه السلام ) مثالاً للتضحية والفداء
سليم العكيلي
لقد كانت حياة ائمة اهل البيت (عليهم السلام ) حافلة باسمى ايات التضحية والفداء ، من اجل اعلاء كلمة الحق واماتة الباطل ، وقد دفعوا ضريبة هذه المواقف الرسالية غالية ، حتى كانوا بين قتيل ومراقب وسجين ، وكما اوضح لنا القران الكريم بأن هناك لكل نبي عدوا من المجرمين ، فقد جرت سنته تعالى على اوليائه الصالحين من ائمة اهل البيت (عليهم السلام) ، حيث اصبح لكل منهم عدوا او اعداء من المجرمين ، وقد عاصر امامنا السابع موسى بن جعفر (عليهم السلام ) اربع من حكام الجور وسلاطينها ، فكان (عليه السلام ) يعيش ساسة القهر والاقصاء المفروضة عليه من قبل السلطة الحاكمة ، ومع ذلك فاننا نجد الامام (عليه السلام ) متميزاً في بحوثه الكلامية والعقائدية ، ونراه يدافع عن الافكار الاسلامية واصول الدين وفروعه ، كما انه يقوم برصد الافكار المنحرفة التي كانت تفرض نفسها على الحركة الفكرية الاسلامية فيقوم بتصحيحها وتقويمها ، ونتيجة الخوف الذي كان يسيطر على قلوب سلاطين الدولة العباسية ، نتيجة للدور الفاعل في الحياة الاسلامية ، بالاضافة الى الغيرة من شخصية الامام التي كانت تستقطب مختلف اوساط الامة ، فقد عمد العباسيون الى عزله عن اتباعه ومواليه بايداعه في ظلمات السجون ومن سجن الى اخر ، حتى قضى مسموما شهيداً بأمر هارون اللارشيد ، رغم انه ( عليه السلام ) لم يشترك في الميادين السياسية ، ولم ينظم الى الثوراة من الطالبين ، لكن معرفتهم بعدم انسجام سياسة الامام الكاظم (عليه السلام ) مع سياسة الدولة العباسية الدنيوية ، وضعتهم بين خيارين لا ثالث لهما ، وهما أما يسلمون الامور للوريث الشرعي لرسول الله (صلى الله عليه واله ) واما ان يقتلوه وهذا ما فعلوه ، وقد اشار سماحة المرجع المحقق السيد الصرخي الحسني في مقتبس له في بحثه العقائدي (نزيل السجون ) الى وجود اسباب اخرى دفعت السلطة العباسي للقضاء على الامام الكاظم (عليه السلام ) وقتله مسموماً ، حيث تسائل وقال : ( لم يكن سياسياً ...بالسياسة الدنيوية ، ولم يكن قائداً عسكرياً كقادة الجهاز الحاكم الظالم ، ولم يكن مسؤولا او زعيماً لجناح مسلح ...كعصابات السلب والنهب ، وسفك الدماء والارهاب ، ولم يكن منتهزاً وصولياً عابدا للمناصب والواجهات .. كالمنتفعيين الوصوليين العملاء الاذلاء في كل زمان ، بالتاكيد فأنه لايمثل جهة وحزباً معارضاً .. كالاحزاب المتصارعة على الدنيا والمنافع الشخصية الخاصة ، كان اماماً تقياً نقياً زاهداً عابداً ناسكاً مخلصاً عالماً عاملاً أمر بالمعروف ناهياً عن المنكر ، كان اماماً حجة شافعا ورحمة للمؤمنين ، أذن ... لماذا هذا العداء والنصب والبغضاء ... ) انتهى مقتبس الكلام ، ومن هنا نفهم ان صفات الامام واخلاقه وايمانه وعلمه جعلتهم يقطعون بأن هؤلاء الاؤلياء سوف يكونون سببأ في دمار وتحطيم وزوال عروشهم وان لم يحركوا ساكناً ، فسلام على الامام موسى بن جعفر يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.