المحقق الصرخي :والموقف الأخلاقي من الشعائر الحسينية
سليم العكيلي
لم يكن يجهل الامام الحسين (عليه السلام ) مصيره ومصير تلك القافلة التي خرجت معه متوجهة من ارض الحجاز الى العراق حاملة معها الاهل والعيال والاصحاب ، ولم يكن يجهل تقلبات قلوب تلك الاقوام من اشباه الرجال ، فسوابقهم مشهودة مع امير المؤمنين وابنه الامام الحسن (عليهما الصلاة والسلام ) الذين ملاؤا قلب امير المؤمنين باعتراضاتهم وتقلباتهم وتقاعسهم ، لكن هنالك هدف اسمى جاء لتحقيقه الامام الحسين (عليه السلام ) والذي وضحه سلام الله تعالى عليه بقولته المشهورة "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ، ومن ردّ عليَّ أصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين". اذا هناك هدف عظيم جاء لتحقيقه يخص الاسلام وشريعة الاسلام التي انتهكت بشكل غير مسبوق وأصبحت تحت رحمة الفسقة والزناة من بني امية ، وكان ثمن ذلك الهدف هو دمه الطاهر ودم اهل بيته واصحابه وسبي عياله ,اذا كم هو عظيم هذا الهدف ، الذي لاينحصر بفترة زمنية معينة بل تحقق نتائجه على طول الزمان والى اليوم الموعود وظهور الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) الذي سوف تتحقق على يدية المباركة النتيجة الكلية باظهار دينه على الدين كله ، لكن هذه المسيرة الطويلة منذ واقعة الطف الى يوم الظهور تحتاج الى رجال يعملون من اجل تلك الاهداف التي تحافظ على كيان الامة من الانحرافات وفقدان الارادة وتسلط الظلمة ، فعند سماع قول امامنا الصادق (عليه السلام ) وهو يقول (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا ) فعلينا ان نحي الامر بالهدف والفاجعة لان كلاهما مكملا للاخر في حفظ الامة ، لكننا للاسف الشديد احيينا الفاجعة ونسينا الهدف ، لذا يجب علينا ان لا نكون كالقوم الذين خرجوا لمحاربة الامام الحسين ( عليه السلام ) والذي وصفهم الشاعر الفرزدق بقوله اما القلوب فمعك واما السيوف فمع بني امية ، حتى قال له الامام الحسين (صدقت فالناس عبيد المال والدين لعق على السنتهم يحوطونه مادرت به معايشهم ، فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون ) . وعلينا ان نعرف جيدا ماهو الهدف والغاية من الشعائر الحسينية هل هي لتحصين الفكر والنفس من الانحراف والوقوع في الفساد والافساد ام اننا نمارسها نحوا العادة والعادة فقط وليس لانها عبادة وتعظيم لشعائر الله تعالى , ومن هنا يوجه سماحة المحقق السيد الصرخي الحسني سؤالا لانفسنا في بيان 69 من محطات في مسيرة كربلاء حيث يقول فيه ( لابد من ان نتوجه لانفسنا بالسؤال , هل اننا جعلنا الشعائر الحسينية المواكب والمجالس والمحاضرات واللطم والزنجيل والتطبير والمشي والمسير الى كربلاء والمقدسات هل جعلنا ذلك ومارسناه وطبقناه على نحو العادة والعادة فقط وليس لانه عبادة وتعظيم لشعائر الله تعالى وتحصين الفكر والنفس من الانحرافات والوقوع في الفساد والافساد فلا نكون في اصلاح ولا من اهل الاصلاح ، فلا نكون مع الحسين الشهيد ولا مع جده الصادق الامين (( عليهم الصلاة والسلام )) انتهى كلام المحقق ، اذن فلا يحاول احداً بان يقنع نفسه انه يحضى برضى الحسين وقبول الحسين وقرب الحسين (عليه السلام ) باللطم والبكاء والسير الى كربلاء وغيرها من تلك الافعال وهو يعمل خلاف الاهداف التي خرج من اجلها الامام واراد تحقيقها بثورته المباركة .