اثر التربية الروحية في بناء الانسان المسلم
سليم العكيلي
من اجل الوصول بالمجتمعات المسلمة الى الرقي والكمالات الروحية ، لابد ان يبنى الانسان المسلم بصورة صحيحة وبشكل يتلائم مع متطلبات الشريعة الاسلامية التي وضعت لتنظيم حياة المجتمعات البشرية ، وهناك العديد من العوامل التي يمكن من خلالها بناء الانسان المسلم بالشكل الصحيح والمطلوب ، وفي مقدمة تلك العوامل بل واهمها هي اولا المربي الصالح صاحب التربية الروحية المؤثرة في نفوس الاخرين ، والعامل الثاني هو الاستعداد النفسي لتقبل تلك التربية ، فالانسان بطبيعة الحال ميال الى اللعب واللهو والجاه والمنصب وغيرها من مغريات الدنيا وزينتها ، لذلك ومن اجل الوصول الى التكاملات والرقي لابد له من الصبر والتحمل ومجاهدة النفس ومخالفة الهوى ، فارتكاب الذنوب والمعاصي تؤثر بشكل سلبي على تلك التكاملات وتكون ممرا ينفذ من خلالها الشيطان الى قلب الانسان فيتلفه بوساوسه ووعوده وخداعه ، فيصبح قلبا ضعيفا خاويا مشككا في عقائده ومبادئه وقادته ، وهناك الكثير من الشواهد التاريخية التي تشير الى اهمية تلك التربية الروحية واثرها على نفسية الانسان وطاعته وانقياده لاوامر الشريعة الاسلامية ، وقد يصل به الامر الى التضحية والتفاني في الدفاع عنها وعن قادتها ، كونه يرى فيها الحياة الابدية وهذا الامر قد وصل اليه وعرفه من خلال المعرفة والتكاملات التي جاءت من اثر تلك التربية الروحية ، وخير شاهد على ذلك ، تلك التضحيات وذلك الفداء والتسابق من قبل اصحاب الامام الحسين ( عليه السلام ) في الدفاع عن امامهم وعقائدهم ومبادئهم ، تلك القلوب النقية والطاهرة التي تقبلت تلك التربية الروحية من قبل الامام الحسين ( عليه السلام ) وربما منهم من لم يلتقي بالامام ألا لفترة قصيرة او في يوم عاشوراء ، لكن وجود الاستعداد لتقبل الحق والإنصات لما قاله الامام والمربي الصالح جعل لديهم الاندفاع والتسابق لنيل الشهادة من اجل الاسلام وقاد تلك الثورة وهو الامام الحسين (عليه السلام ) ، لذلك لم تؤثر كثرة عددهم ولا وعيدهم ولا مغرياتهم ففازوا وسعدوا في الدنيا والاخرة ، لذلك تجد ان من ثمار الثورة الحسينية كما يقول ويعبر عنها الاستاذ المحقق السيد الصرخي الحسني في كتاب الثورة الحسينية والدولة المهدوية (( بناء الانسان المسلم بصورة صحيحة مستقيمة ثابتة لا تؤثر فيها رياح المنافقين وأهل الضلالة حصلت وتحصل بتضحية الامام الحسين (عليه السلام ) وبما وقع عليه في طف كربلاء )) انتهى كلام المحقق ، لذلك علينا ان نتعلم من الحسين وأصحاب الحسين بأن نبني انفسنا البناء الصحيح الصالح وان نجعل من قلوبنا مليئة بالايمان والطاعة لله وأولياء الله ، لا تؤثر فيها تشكيك المشككين ولا رياح المنافقين ولا تخطيط المتربصين .